__________________
وقال الزمخشري في ردّه على من قال إنّ الرؤية لو كانت مستحيلة لما طلبها موسى ، قال : « وما كان طلب الرؤية إلاّ ليبكت هؤلاء الذين دعاهم سفهاء وضلالا وتبرأ من فعلهم ، وذلك انّهم حين طلبوا الرؤية أنكر عليهم وأعلمهم الخطأ ونبههم على الحق ، فلجّوا وتمادوا في لجاجتهم وقالوا : لابدّ ولن نؤمن حتى نرى اللّه جهرة ، فأراد أن يسمعوا النصّ من عند اللّه باستحالة ذلك وهو قوله : ( لن تراني ) ، ليتيقنوا وينزاح عنهم ما دخلهم من الشبهة ، فلذلك قال : ( رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ ) » انتهى ما أوردناه من كلام الشيخ السبحاني ملخصاً.
وأمّا الآيات التي ذكرت لإثبات رؤية اللّه سبحانه وتعالى فهي لا تدلّ على ذلك.
والقرآن الكريم ينفي رؤيته سبحانه ، قال تعالى : ( لا تُدْرِكُهُ الأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الخَبِيرُ ) ( الأنعام : ١٠٣ ).
فالآية تنفي رؤية اللّه سبحانه وتعالى ، وذلك :
١ ـ إنّ الإدراك إذا أُضيف إلى الأبصار يفيد الرؤية ( مجمع البحرين : مادة درك ) ، فمعنى الآية يكون : لا تراه الأبصار وهو يرى الأبصار.
وما يقولون : من أنّ الإدراك بمعنى الإحاطة ، والصحيح أنّ اللّه سبحانه وتعالى لا يحيط به المخلوق ، فالمخلوق يرى اللّه لكن لا يحيط به ، والمنفي في الآية الإحاطة دون الرؤية؟
قلنا : تفسير الإدراك بمعنى الإحاطة غير صحيح ، إذ لم يذكر لمعنى الإدراك الإحاطة ، بحيث يفهم من عند الإطلاق ، ولم يذكر ذلك اللغويون أيضاً ، فالإحاطة غير داخلة في معنى الإدراك.