ثانياً : لو أخذنا بقول أهل السنّة والجماعة في تعميم هذه الآيات والأحاديث على كلّ علماء الأُمّة ، لوجب أن تتعدّد الآراء والمذاهب على مرّ الأجيال ، ولأصبح هناك آلاف المذاهب ، ولعلّ علماء أهل السنّة والجماعة تفطّنوا لما لهذا الرأي من سخافة وتفريق لوحدة العقيدة ، فأسرعوا إلى غلق باب الاجتهاد منذ زمن بعيد.
أمّا قول الشيعة فهو يدعو إلى الوحدة والالتفاف حول أئمة معروفين ، خصّهم اللّه تعالى والرسول بكلّ المعارف التي يحتاجها المسلمون في كلّ العصور ، فلا يمكن لأيّ مدّع بعد ذلك أن يتقوّل
__________________
في مذهبهم؛ وذلك لأنّ الاختلاف ناشئ من عوامل أُخرى كالكذب عليهم كما كُذِبَ على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وكالدسّ والوضع ، واختلاف الحكم باختلاف زمانه ومكانه ، وكاستخدام التقية في بعض الأحيان لدفع جور السلطان ، وغير ذلك من الأسباب الكثيرة.
مضافاً إلى أنّ هذا غير مقصور على الشيعة وحدهم ، فأهل السنّة الخلاف بينهم شاسع والهوّة بينهم كبيرة جداً ، يمكن بأدنى إطلاع ملاحظتها.
ومن هذا يتضح أنّ صاحب كتاب كشف الجاني يخلط في كلامه في الاختلاف بين الأئمة أنفسهم ، ووجود بعض الاختلاف بين الروايات المنقولة عنهم ، والتي هي أمر طبيعي نتيجة بعد الزمن والعوامل الأُخرى المؤثّرة؛ إذ المؤلّف كلامه عن الأمر الأوّل وهم الأئمة ، بينما عثمان الخميس اعترض عليه بالأمر الثاني وهو وجود بعض الاختلافات بين الروايات المنقولة عن الأئمة ، فلاحظ حتى لا يقع خلط في الكلام.