والمسّ ، قال تعالى : ( إنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإذَا هُمْ مُبْصِرُونَ ) (١) ، وقال أيضاً عزّ منْ قائل : ( الَّذِينَ
__________________
المطهّرين هم الملائكة ـ : « ونفي مسّه كناية عن لازمه وهو نفي الاطلاع عليه وعلى ما فيه ».
وكذلك الفخر الرازي في تفسيره رجّح كون ( لا ) بمعنى النفي لا النهي وأنّها إخبار عن عدم مسّ غير المطهّرين له ، ثم قال : « إلاّ المطهّرون » هم الملائكة طهرهم اللّه في أوّل أمرهم وأبقاهم .. ولو كان المراد نفي الحدث لقال : لا يمسّه إلاّ المطهرون أو المطّهّرون بتشديد الطاء والهاء ، والقراءة المشهورة الصحيحة ( المطهرون ) من التطهير لا من الاطهار ، وعلى هذا يتأيد ما ذكرناه من وجه آخر من حيث إنّ بعضهم كان يقول : هو من السماء ، ينزل به الجن ويلقيه عليه .. فقال : لا يمسّه الجن وإنّما يمسّه المطهّرون الذي طُهّروا عن الخبث « التفسير الكبير ٣٠ : ٤٣١ ـ ٤٣٣.
وقد خلط صاحب كتاب « منهج أهل البيت في مفهوم المذاهب الإسلامية » : ٢٥ بردّه على المؤلّف بين استعمال المسّ في اللمس وبين مساواة المسّ للمس في المعنى ، فالمسّ يستخدم بمعنى اللمس الحسي ، وبمعنى المسّ المعنوي كمسّ العقل ونحوه ، ولهذا تقول : هذا ممسوس ، بمعنى فيه جنون ، وإن شيئاً مسّ عقله فجنه.
ويستخدم المس بمعنى اللمس أيضاً ، ولكن هذا لا يعني أنّ المسّ عين اللمس ونفس معناه كما توهمه صاحب كتاب « منهج أهل البيت » ليفسّر الآية المباركة باللمس المادي الذي يعني حمل الكلام على النهي ، وقد لاحظت كلمات بعض المفسرين في إبطال كون النفي بمعنى النهي ، وإنّما هو إخبار عن عدم مسّ القرآن لغير المطهّر من الخبائث والآثام.
١ ـ الأعراف : ٢٠١.