في تونس ( في وقت المحاكم القضائية ) فتاةٌ بالغة أحبّتْ رجُلاً وأرادتْ الزواج منه ، ولكنَّ أباها رفض أن يزوجَها من هذا الشاب لسبب « اللّه أعلم به » ، فهربت الفتاة من بيت أبيها وتزوّجتْ ذلك الشاب بدون إذن أبيها ، ورفع الأب شكوى ضِدَّ الزوج.
ولّما حَضرَتْ الفتاة وزوجها لدى القاضي ، وسألَها عن السبب في الهروب من البيت والزواج بدون إذن وليّها ، قالتْ : سيّدي ، أنا عمري خمسة وعشرون عاماً ، وأحبْبتُ الزواج من هذا الرجل على سنّة اللّه ورسوله ، ولأنّ أبي يريد أن يزوّجني بمن أكره ، فتزوّجتُ على رأي أبي حنيفة الذي يعطيني حقّ الزواج بمن أحبّ لأنىّ بالغة.
يقول القاضي رحمة اللّه عليه ( روى لي بنفسه هذه القصّة ) : « فجئنا في المسألة فوجدناها على حقّ ، وأعتقد بأنّ أحد العلماء المطّلعين هو الذي لَقّنَها ماذا تقول ». يقول هذا القاضي : فرددتُ دعوة الأب وأمضيتُ الزواج ، فخرج الأب غَاضباً يضرب يديه على بعضها ويقول : « حَنّفَتْ الكَلْبَة » أي إن ابنته تركت مالك واتبعتْ أبا حنيفة ، وكلمة الكلبة فيها إهانة لابنته التي قال فيما بعد بأنّه يتبرّأ منها.
والمسألة هي اختلاف في اجتهاد المذاهب ، فبينما يرى مالك إنّ الفتاة البكر لا يصحّ زواجها إلاّ بإذن ولي الأمر وحتى إذا كانت ثيباً ، فهو شريكها في الزواج فلا تنفرد به وحدها ولابدّ من موافقته ، يرى