نسقط على الأرض فهو بغير اختيارنا ، فمن منّا يُحبّ السقوط الذي قد يُسبّبْ كسر بعض الأعضاء من جسمنا فنصبح معاقين.
فيكون القضاء والقدر أمراً بين أمرين ، أي قسم هو من عندنا وباختيارنا ونحن نفعله بمحض إرادتنا ، وقسم ثان هو خارج عن إرادتنا ونحن خاضعون له ، ولا نقدر على دفعه ، فنُحاسَبُ على الأوّل ، ولا نُحاسبُ على الثاني.
والإنسان في هذه الحالة مُخيّرٌ ومسيّرٌ في نفس الوقت :
أ ـ مُخيّرٌ في أفعاله التي تصدر منه بعد تفكير ورويّة ، إذ يمرّ بمرحلة التخيير والصراع بين الإقدام والإحجام ، وينتهي به الأمر إمّا بالفعل أو الترك ، وهذا ما أشار إليه سبحانه بقوله : ( وَنَفْس وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ) (١).
فالتزكية للنفس والدسّ لها هما نتيجة اختيار الضمير في كلّ إنسان ـ كما أنّ الفلاح والخيبة هما نتيجة حتمية وعادلة لذلك الاختيار.
ب ـ مُسيّرٌ بكلّ مايحيط به من نواميس الكون وحركته الخاضعة كلّها لمشيئة اللّه سبحانه بكلّ أجزائها ومركبّاتها وأجرامها وذرّاتها ،
__________________
١ ـ الشمس : ٧ ـ ١٠.