الوجه الرابع :
من المعروف أيضاً أنّ كثيراً من أعمال الصحابة بعد الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم كانت مخالفة لسنّته.
فأمّا أن يكون هؤلاء الصحابة يعرفون سنّته صلىاللهعليهوآلهوسلم وخالفوها عمداً ، اجتهاداً منهم في مقابل نصُوص النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وهؤلاء ينطبق عليهم قول اللّه سبحانه وتعالى : ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِن وَلا مُؤْمِنَة إذَا قَضَى اللّهُ وَرَسُولُهُ أمْراً أنْ يَكُونَ لَهُمُ الخِيَرَةُ مِنْ أمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا مُبِيناً ) (١).
وإمّا أنهم كانوا يجهلون سنّته صلىاللهعليهوآلهوسلم فلا يحقّ لرسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم والحال هذه أن يقول لهم : تركتُ فيكم سنّتي ، وهو يعلم أنّ أصحابه وأقرب الناس إليه لم يحيطوا بها علماً ، فكيف بمن يأتي بعدهم ولم يعرفوا ولم يشاهدوا النبي؟!
الوجه الخامس :
من المعلوم أيضاً أنّه لم تدوّن السنّة إلاّ في عهد الدولة العبّاسية ، وأنّ أوّل كتاب كُتبَ في الحديث هو موطأ الإمام مالك ، وذلك بعد الفتنة الكبرى ، وبعد واقعة الحرّة واستباحة المدينة المنوّرة ، وقتل الصحابة فيها صبراً ، فكيف يطمئنّ الإنسان بعد ذلك إلى رواة تقرّبوا
__________________
١ ـ الأحزاب : ٣٦.