كانت تعوق تقدم الإنسان وكدحه إلى ربه وسيره الحثيث نحوه سواء تمثلت هذه القيود والحواجز على مستوى آلهة ومخاوف وأساطير وتحجيم لانسانيته بين يدي قوى أسطورية أو تمثلت على مستوى ملكيات تكرس السيادة على الأرض لطاغوت فرداً كان أو فئة أو طبقة على حساب الناس وتحول دون نموهم الطبيعي وتفرض عليهم بالتالي علاقات التبعية والاستعباد ) (١) ، فالمحتوى الداخلي التوحيدي. هو محتوى داخلي تحرري : يحرر الإنسان من الداخل ويحرّر الكون من الخارج ولا يفصل بين الجهاد الأكبر والجهاد الأصغر ... لأن الثاني لا يحقق غرضه وهدفه إلاّ في اطار الجهاد الأكبر ( التحرر من الداخل ) ، وهذا سرّ امتياز ثورة الأنبياء عن أي ثورة اجتماعية أخرى ...
رابعاً : التوحيد والرؤية الكونية :
في كتابه ( فلسفتنا ) عرض باقر الصدر نظريته في المعرفة وفق متبنياته في تلك المرحلة الأولى من مسيرته الفكرية ( منحى أرسطي ) وانتصر للمذهب العقلي في المعرفة وذلك تمهيداً لخوض المبحث الثاني الأساسي للكتاب ألا وهو : ( نظرية الوجود ( المفهوم الفلسفي للعالم ) ) حيث يؤكّد في مقدمة الكتاب أن الهدف الأساسي لفلسفتنا كان صياغة المفهوم الفلسفي للعالم وما البحث في نظرية المعرفة سوى مقدمة لذلك يقول : ( هدفنا الأساس من هذا البحث أي نظرية المعرفة هو تحديد منهج الكتاب
__________________
١ ـ محمد باقر الصدر : الإسلام يقود الحياة ، م. س ، ص ٤١.