( قالوا بل نتبع ما الفينا عليه آباءنا أوَ لَوْ كان آباؤهم لا يعقلون شيئاً ولا يهتدون ) ( البقرة : ١٧ ).
السبب الثاني : اجتماعي ويتمثل في التسلط الفرعوني : فالفراعنة يرون في التوحيد تجاوزاً للواقع الذي يسيطرون عليه وبالتالي خطراً يهدد سلطانهم ويزلزل كيانهم فيكون من مصلحتهم أن يغمضوا عيون الناس عن أي أفق وراء الواقع .. ولن يحصل ذلك إلاّ بتحويل هذا الواقع إلى مطلق إلى مثل أعلى لا يمكن تجاوزه .. ففرعون يحاول دائماً أن يعبىء الجماهير ويؤطرها في ظل وجوده ورؤيته هو ( وقال فرعون ما اريكم إلاّ ما أرى وما اهديكم إلاّ سبيل الرشاد ) ( المائدة : ٢٩ ) ، ( وقال فرعون يا أيها الملأ ما علمت لكم من إله غيري ) ( القصص ٣٨ ) .. إنه خط الطاغوت في التاريخ الذي يسعى لتجميد حركة المجتمع البشري وتحويل الواقع إلى مطلق وسجن الجماعة البشرية في ضيق الماضي وحُدُودِ رموزه .. هكذا تتحول معركة التوحيد والكفر إلى معركة بين قوى التقدم وقوى التآمر والجمود وتكون ( الفرعونية ) بكل مظاهرها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية .. المؤسسة الطاغوتية التي تشد المجتمع إلى الوراء .. وتحول دون نهضتها التوحيدية وتحررها الرسالي .. إن مصير الأمم التي تخضع لهذه المثل العليا المنخفضة إنها تتحول إلى ما أسماه ( قدس سره ) .. ( شبح أمة ) تعيش الفرقة والتمزق لأنه بغياب عقيدة التوحيد .. ينتفي الإطار الذي يوحد صفوف الأمة و ( يبقى كل إنسان مشدود إلى حاجاته المحدودة إلى مصالحه