الكاذبين ، فحينها جاء الأمر الإلهي : ( فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ) (١). فاستجاب القساوسة دعوة النبي فجمعوا خواصّهم لهذه المعركة.
وعندما جاء الموعد ، واحتشدت الجماهير ، وتقدّم النصارى وباعتقادهم أنّ الرسول سوف يخرج إليهم بجمع من أصحابه ونسائه ، ولكن خاب ظنّهم إذ إنّه تقدّم بخطوات ثابتة مع كوكبة صغيرة من أهل بيته ، الحسن في يمينه والحسين في شماله وعلي وفاطمة خلفه. وعندما رأى النصارى هذه الوجوه المشرقة ، ارتعشوا خوفاً ، فالتفّوا جميعاً إلى الأسقف زعيمهم ، ثمّ قالوا : " يا أبا حارثة ، ماذا ترى في الأمر ؟ فأجابهم الأسقف : " أرى وجوهاً لو سأل الله بها أحد أن يزيل الجبل من مكانه لأزاله ". وحين ذلك قرروا التراجع وترك المباهلة ، ورضوا بالذلّ ودفع الجزية ، فبهؤلاء الخمسة هزم رسول الله النصارى وردّهم صاغرين (٢).
______________________
(١) سورة آل عمران ٦١.
(٢) معتصم سيد أحمد , الحقيقة الضائعة ، ص ١٠٣.