وبهذا يتضح عدم صحة ما ذهب إليه الخطيب البغدادي وابن حجر العسقلاني من شمولها لجميع الصحابة فرداً فرداً ، فالمتسالم عليه أنّ عدد الصحابة الذين اشتركوا في غزوة بدر كانوا ثلاثمائة وثلاثة عشر ، أمّا بقية الصحابة الذين أسلموا فيما بعد وخصوصاً بعد فتح مكة ، فقد كان بعضهم في صفوف المشركين الذين قاتلوا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فكيف تشملهم الآية التي نزلت لتطييب خاطر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وإبلاغه بأنّ الله تعالى كافيه وناصره على أعدائه الذين جمعوا له للقضاء عليه وعلى رسالته ، وجميعهم من الصحابة الذين أسلموا فيما بعد ، كمعاوية ، وعمرو بن العاص ، وخالد بن الوليد وغيرهم !
ومع نزول الآية في الصحابة الأوائل ، إلاّ أنّها مشروطة بحسن العاقبة ، كما سيأتي فيما بعد (١).
وهذا كلّه بحسب الأقوال والآراء في معنى الآية ونزولها.
أمّا بالنظر إلى ما قدّمناه فإنّ الآية المباركة تقول للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : ( حَسْبُكَ اللهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ المُؤْمِنِينَ ) وهل يعمّ هذا اللسان غير « الذين آمنوا » من « الذين في قلوبهم مرض » ومن « المنافقين » ؟!
الآية الخامسة : قال الله تعالى : ( وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ المُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ... ) (٢).
__________________
(١) راجع الآية السابعة من هذا الفصل.
(٢) سورة التوبة ٩ : ١٠٠.