المقدِّمة
الحمدُ لله ربِّ العالمين ، والصلاة والسلام على خاتم الرسل والأنبياء محمد المصطفى وعلى آله الطيبين الطاهرين ، وصحبهم المنتجبين ، وبعد :
فإنّ من المسائل التي لا زالت تثير جدلاً واسعاً في الأوساط العلمية مسألة عدالة الصحابة ، وقد بقي البحث فيها موزعاً على آراء مطابقة للآراء المتقدمة على مرِّ التاريخ ، فذهب البعض إلى عدالة جميع الصحابة ، وذهب آخرون إلى عدالة بعض الصحابة دون بعض.
إنَّ المنهج العلمي يستدعي النظر إلى الآراء والأفكار بموضوعية بحثاً عن الحقيقة لذاتها ، وبعيداً عن تحكيم المرتكزات الذهنية المسبقة في البحث والتحقيق ، لتكون النتيجة تابعة للدليل بما هو دليل وإن اصطدمت بالمألوف والمتعارف من الآراء والاَفكار والأحكام.
وفي بحثنا هذا نتتبع المسألة باستنطاق القرآن والسُنّة والتاريخ للوصول إلى الرأي النهائي ، بحيادية وموضوعية تبعاً للدليل دون التأثر بالمرتكزات الذهنية والأحكام المسبقة ، مواكبين موارد ذكر الصحابة في القرآن الكريم ، والآيات النازلة فيهم مدحاً وذماً ، وما ورد عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في الصحابة من روايات مادحة وذامة ، ونواصل البحث من خلال تتبع سيرهم الذاتية ضمن الحركة التاريخية لمراحل الدعوة الإسلامية ، منذ انضمامهم للإسلام في بداية البعثة ، ومساهمتهم الجادّة