وإنّما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسُنّة ، والجرح بهم أولى ، وهم زنادقة ) (١).
ونحن لا نتفق مع أبي زرعة وغيره من القائلين بهذا الرأي من عدة جهات :
الجهة الأولى : إنّ الذي أدّى إلينا القرآن والسنن بعض الصحابة وليس جميعهم.
الجهة الثانية : ليس لجرح الشهود دخالة في إبطال الكتاب والسُنّة ، وإنّما يكون غالباً مصحوباً بالتثبت والاحتياط في الدين ، من أجل الوصول إلى العقيدة الحقّة والشريعة الحقّة ، ليكون السلوك مطابقاً للكتاب والسُنّة.
الجهة الثالثة : إنَّ الجرح لا يشمل جميع الصحابة بل بعضهم.
الجهة الرابعة : إنَّ بعض الصحابة استتروا على نفاقهم فلم يظهروه ، فمن العقل والمنطق السليم أن نبحث عن عدالتهم.
الجهة الخامسة : إنَّ بعض الصحابة انتقصوا وسبّوا وجرحوا غيرهم من الصحابة ، وخصوصاً الصحابة الذين انتقصوا وسبّوا وجرحوا الإمام عليّاً عليهالسلام ، وهو الأقرب إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وكان على رأس الصحابة الذين أدّوا إلينا القرآن والسُنّة ، وهو الأعلم بكتاب الله وسُنّة رسوله كما تظافرت على ذلك الروايات (٢).
__________________
(١) الكفاية في علم الرواية : ٤٩.
(٢) الطبقات الكبرى ٢ : ٣٣٨. ومناقب علي بن أبي طالب ، لابن المغازلي : ٨٢. وحلية الأولياء ١ : ٥. وكفاية الطالب : ١٩٧. وتذكرة الخواص : ٢٥. والمستدرك على الصحيحين ٣ : ١٢٧. ومختصر تاريخ دمشق ١٨ : ١٧. ومجمع الزوائد ٩ : ١١٤. والصواعق المحرقة : ١٨٩.