باب زيادة المعنى في زيادة المبنى ، فإن العبارة لا تعطي دقتها ومرادها لو استعملت مجردة عن الكاف ، ووجود الكاف وهو أداة للتشبيه في الآية قد نفى أن يكون لله ما يشبه به ، وإذا لم نستطع أن نحصل على ما يشبّه به ، فأنى يكون له مثيل أو شبيه فيكون المراد ـ والله العالم ـ ليس لما يمثل به مثيل ، فمن باب أولى أن لا يكون له مثيل ، وبهذا ينتفي فرض الزيادة جملة وتفصيلا.
ويبدو أن مسألة مجاز الحذف والزيادة قد سبقت القزويني بقرون إذ تعقب عبد القاهر ( ت : ٤٧١ هـ ) فبالغ في إنكار هذا القول مجاز الحذف والزيادة ، إذ لا يسمى كل حذف مجازا ، ولا كل زيادة كذلك ، إذ لم يؤد هذا أو ذاك الى تغيير حكم الكلام (١).
وأما ما أضافه عز الدين فليس من المجاز عند البلاغيين ، فمجاز التشبيه عنده هو التشبيه المحذوف الأداة ، فيسمى تشبيها بليغا ، أو هو جار على سبيل الاستعارة لو حذف المشبه به مع أداة التشبيه.
وأما مجاز التضمين ، فليس من المجاز في شيء ، بل هو إضافة معنى جديد للفظ لا علاقة لها بالنقل عن المعنى الأصلي ، بل المراد به : إرادته وإرادة غيره بوقت واحد كقوله تعالى : ( وأخبتوا الى ربهم ) (٢) ، فأنه على ما قالوا تضمن معنى أنابوا مضافا الى الإخبات ، لإفادة الإخبات معنى الإنابة والإخبات معا.
وأما ما أبداه القزويني فلا يعدو كونه تفريعا على أصلي المجاز وهما المجاز العقلي واللغوي ، فالمجاز المفرد يكون ، عقليا ويكون لغويا ، فالمفرد في المجاز العقلي ما كان جاريا على الكلمة بالإضافة الى ما بعدها ، وتكتشف بالإسناد ، كقوله تعالى : ( والضحى (١) والليل إذا سجى (٢) ) (٣) فكلمة « سجا » بالنسبة الى اللّيل مجاز عقلي مفرد ، والليل لا يهدأ ، وإنما ينسب الهدوء فيه الى غيره ؛ ولما كان الليل زمانا لهذا الهدوء ،
__________________
(١) ظ : عبد القاهر ، أسرار البلاغة : ٣٨٣ وما بعدها.
(٢) هود : ٢٣.
(٣) الضحى : ١ ـ ٢.