لتكون هيكلا مترابطا يشكل وحدة موضوعية متكاملة ، ثم يقوم بتفسيرها ودراستها بحسب منهجه العلمي.
وحينما عهد برئاسة قسم اللغة العربية وآدابها في كلية الآداب بجامعة القاهرة الى الأستاذ العلامة يوسف عبد القادر خليف في السبعينات ، استجاب سيادته وأمثاله من الأساتذة الى هذا المنهج فوجهوا طلابهم هذا الوجه ، فتخصص معظم البلاغيين العرب بجزء مهم من القرآن الكريم ، فبحث إعجازه حينا ، وقراءاته حينا آخر ، وتشبيهاته تارة أخرى ، وبلاغته وصوره الفنية تارة اخرى ، وكان لي الشرف إن كنت أحدهم في هذا المضمار الكريم (١).
ان هذه الجهود التي أرسى أسسها أمين الخولي ، قد وجدت آذانا واعية لدى الشباب المتحفز ، فاتّسمت بحوث طائفة منهم بإشارات قيمة الى جملة من الصنوف البيانية في القرآن ، واعتماد المنهج البلاغي في الكشف عن وجود الإعجاز القرآني ، وكان ذلك متمثلا بالبحث حينا ، وبالتطبيق حينا آخر.
وأما على سبيل الأستشهاد والتمثيل فلا أعلم بحثا قرآنيا يخلو من الأستناد الى مجازات القرآن وكناياته وتشبيهاته واستعاراته ، إلا أن الذي يحز بالنفس إن لم أوفق على الوقوف على عمل مستقل بمجاز القرآن. نعم يمكن القول بأن جهود المحدثين في هذا المجال قد اتخذت طابعا ذا شعبتين في التوجه نحو بيان القرآن بعامة ، ومجازه بخاصة : مجال التهيئة والدعوة الى خوض عباب القرآن ، والكشف عن كنوزه وأسراره كما صنع الخولي ، ومجال التأليف الجزئي في المجاز أو البيان ـ وصور القرآن الجمالية.
وسأقف عند هذين الجانبين بحدود ما لمسته حسيا ، وتابعت أضواءه شخصيا ، مما شكل انطباعا خاصا ، قد يضاف غيره إليه.
__________________
(١) كتب المؤلف رسالته للدكتوراه « الصور الفنية في المثل القرآني : دراسة نقدية وبلاغية » بإشراف الأستاذ الدكتور يوسف عبد القادر خليف في قسم اللغة العربية وأدبها في كلية الآداب بجامعة القاهرة.