عندهم قولهم هو جواد.
ومنه قوله تعالى : ( وقالت اليهود يد الله
مغلولة )
، أي هو بخيل ( بل يداه مبسوطتان )
، أي هو جواد من غير تصور يد ، ولا غل ، ولا بسط. والتفسير بالنغمة ، والتمحل
للتثنية من ضيق العطف ، والمسافرة عن علم البيان مسيرة أعوام ».
الثاني
: تعقيبه على قوله تعالى : ( فما ربحت
تجارتهم ... ) ، قال : « فإن قلت : كيف أسند الخسران
الى التجارة وهو لأصحابها؟ قلت : هو من الإسناد المجازي ، وهو أن يسند الفعل الى
شيء يتلبس بالذي هو في الحقيقة له كما تلبست التجارة بالمشترين .. فإن قلت : هب أن
شراء الضلالة بالهدى وقع مجازا في معنى الاستبدال ، فما معنى ذكر الربح والتجارة
كأن تم مبايعة على الحقيقة؟ قلت : هذا من الصنعة البديعة التي تبلغ بالمجاز الذروة
العليا ، وهو أن تنساق كلمة مساق المجاز ثم تقفى بأشكال لها وأخوات إذا تلاحقن لم
تر كلاما أحسن منه ديباجة ، وأكثر ماءً ورونقا وهو المجاز المرشح ... فكذلك لما
ذكر سبحانه الشراء ( أولئك الذين أشتروا
الضلالة بالهدى ) ، أتبعه بما يشاكله ويواخيه ، وما
يكتمل ويتم بانضمامه إليه ، تمثيلا لخسارهم وتصويرا لحقيقته » .
وفيما عدا الزمخشري بتوسعه في ذكر
مجازات القرآن ، بمعانيها الاصطلاحية فيما يبدوا لي ، فإننا لا نجد نظيرا لهذا
التفسير من هذا الوجه فحسب. نعم هناك شذرات مجازية في الجزء الخامس من « حقائق
التأويل » للشريف الرضي ( ت : ٤٠٦ هـ ) أشرنا إليها ضمن البحث فيما يأتي ، ولو
وصلنا حقائق التأويل كاملا لحصلنا على علم كثير.
__________________