وفي الآية (ب) تجوز بالسؤال للقرية ، والمراد
ـ والله أعلم ـ أهل القرية والساكنين فيها ، إذ لا يصح سؤال الأبنية والجدران بل
الأهل والسكان.
وفي الآية (ج) تجوز بإطلاق الأفواه
لإرادة الألسن ، لأن القول لا يصدر إلا عن اللسان ، ولما كان موقع اللسان هو الفم
، عبّر بالأفواه تجوزأ عن الألسن الحالة فيه.
وقد يرد المجاز اللغوي المرسل على عكس
هذا الأمر ، فيما ذكر فيه لفظ الحال وأريد به المحل ، وذلك نحو قوله تعالى :
( وأمّا الّذين ابيّضّت
وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون (١٠٧)
) .
فقد تجوز بالرحمة وأراد بها الجنة ، لأن
الخلود إنما يتم فيها ، ولما كانت الجنة محلا ومقاما للرحمة ، والرحمة حالة بها ، عبر
عنها بما هو حال فيها ، وهو الرحمة والمراد الجنة.
وهكذا تجد علاقة المجاز اللغوي المرسل
متعددة ، ووجوه ارتباطاته متشابكة ، واكتفينا بهذا القدر الجامع في الإيراد ، عما
توسع به البلاغيون من الأصناف.
السبب في هذا أن البلاغيين قد أغاروا في
جملة من الأصناف على علم المعاني كما نذهب إليه جزء لا يتجزأ من علم النحو العربي
، أهمل النحاة جانبه ، فأكد البلاغيون التقليديون صلته بالبلاغة .
على أن في المعاني لمسات بلاغية ، وشذرات
بيانية ، ولكن رأينا أنه بالنحو ألصق. فإذا رأينا جملة من البلاغيين قد بحثوا
المجاز اللغوي المرسل ، وعددوا أصنافه ، أشتاتا من مفردات علم المعاني ، فهذا ما
لا يتفق مع منهجنا.
لقد أطنب الزركشي ( ت : ٧٩٤ هـ ) في ذكر
جملة من الأصناف
__________________