وقد يرد المجاز اللغوي المرسل بعكس هذا الملحظ ، فينظر إليه باعتبار ما سيكون عليه ، فيسمى باسم ما سيؤول إليه مستقبلا ، كما في قوله تعالى :
( إني أراني أعصر خمرا (٣٦) ) (١).
فالتجوز هنا في العصر بالنسبة الى الخمر ، أو الخمر بالنسبة الى العصر ، والخمر لا يعصر فهي سائل قد عصر وانتهي منه ، وإنما العنب المتحول خمرا الذي يعصر ، فإطلاق الخمر وإرادة العنب منه هنا ، جاء على سبيل الاتساع ، باعتبار ما سيؤول إليه العنب بعد العصر ، وصيرورته خمرا.
٦ ـ وفي كل من قوله تعالى :
أ ـ ( فليدع ناديه (١٧) ) (٢)
ب ـ ( وسئل القرية )(٣)
ج ـ ( يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم ) (٤)
مجاز لغوي مرسل ، ذكر فيه لفظ المحل ، وأريد به الحال فيه ، وهو المعني بقول الخطيب القزويني ( ت : ٧٣٩ هـ ) تسمية الحال باسم محله. (٥)
ففي الآية (أ) تجوز بالدعوة للنادي ، والمراد ـ والله أعلم ـ أهل النادي والحالين به والمجتمعين فيه من الوجوه والأعيان وسراة القوم ، إذ لا تصح دعوة النادي لعدم قبوله الاستجابة والدعاء والتلبية أو الرفض ، وإنما دعي أهله وأصحابه.
__________________
(١) يوسف : ٣٦.
(٢) العلق : ١٧.
(٣) يوسف : ٨٢.
(٤) آل عمران : ١٦٧.
(٥) القزويني ، الإيضاح : ٤٠٣ تحقيق الخفاجي.