عنه بالعبارة تجوزا ، واستحداث معنى جديد في اللفظ ، وجعل الكلمة ذات دلالة لم تجعل لها في أصل اللغة ، وإضافة الفائدة في النقل الاستعاري بدلا من الاستعمال الحقيقي ، إنما هو جوهر الاستعارة وروحها ، فضلا عن كونه كشفا جديدا متوازنا في صنوف الاستعارة وشؤونها ؛ وهو متناسب مع ما أكده فيما ضربه من نموذج قرآني رفيع ، شاهدا على ذلك بقوله :
« والشاهد على أن للاستعارة المصيبة من الموقع ما ليس للحقيقة أن قوله تعالى : ( يوم يكشف عن ساق ) (١) أبلغ وأحسن وأدخل مما قصد له من قوله لو قال : يوم يكشف عن شدة الأمر ، وأن كان المعنيان واحدا ، ألا ترى أنك تقول لمن تحتاج الى الجد في أمره : شمر عن ساقك فيه ، وأشدد حيازمك له. فيكون هذا القول أوكد في نفسه من قولك : جد في أمرك » (٢).
وما ذهب اليه أبو هلال منتظم لما وجدنا عليه أرسطوا من ذي قبل حينما عدّ الاستعارة : من أعظم الأساليب الفنية ، وأنها آية الوهبة التي لا يمكن تعلمها من الآخرين (٣).
ويرى عبد القاهر ( ت : ٤٧١ هـ ) في الاستعارة : أنك تثبت بها معنى لا يعرف السامع ذلك المعنى من اللفظ ، ولكنه يعرفه من معنى اللفظ(٤). وهو هنا يتحدث عن عائدية الاستعارة وفضلها ، ويعرفها بقوله :
« الاستعارة أن تريد تشبيه الشيء وتظهره ، وتجيء الى اسم المشبه به فتعيره المشبه وتجريه عليه » (٥).
ويتضح من عايدية الاستعارة وتعريفها عند عبد القاهر : أن هناك لفظا ومعنى ، وهناك معنى اللفظ ، والاستعارة تختص بالألفاظ ، ولكنه قد أشرك المضمون بالإضافة الى الشكل في جلاء الصورة الاستعارية ، أو المعنى في
__________________
(١) القلم : ٤٢.
(٢) العسكري ، الصناعتين : ٢٧٤.
(٣) ظ : شكري عياد ، أرسوط طاليس ، فن الشعر : ١٧٦.
(٤) عبد القاهر ، دلائل الإعجاز : ٣١.
(٥) المصدر نفسه : ٥٣.