لمعارضة ما صحّ من طرق كثيرة : أنّ عمر بن الخطاب أتى النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم بصحيفة فسأله عنها فقال : ...
والحديث برواية الدارمي وابن سعد في الطبقات عن جابر قال : ( إنّ عمر بن الخطاب أتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بنسخة من التوراة فقال : يا رسول الله : هذه نسخة من التوراة فسكت ، فجعل يقرأ ووجه رسول الله يتغيّر ، فقال أبو بكر : ثكلتك الثواكل ما ترى بوجه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فنظر عمر إلى وجه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال : أعوذ بالله من غضب الله ومن غضب رسوله ، رضينا بالله ربّاً ، وبالإسلام ديناً وبمحمد نبيّاً ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( والذي نفس محمّد بيده لو بدا لكم موسى فاتبعتموه وتركتموني لضللتم عن سواء السبيل ، ولو كان حيّاً وأدرك نبوّتي لاتبعني ) ) (١). وهذا الخبر أخرجه أحمد في مسنده ، وعبد الرزاق في المصنف ، وابن أبي شيبة في مصنفه ، والبزار في مسنده ، والروداني في جمع الفوائد ، والهيثمي في مجمع الزوائد ، وغيرهم (٢).
فالحديث ثابت ، وهو صريح في غضب النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم لمجرد مجيء عمر بصحيفة من التوراة! فكيف يعقل ويقبل أن يأمر عبد الله بن سلام أن يقرأ القرآن ليلة والتوراة ليلة؟ وما رواية ابن سلام إلاّ كرواية أبي الجلد الآتي ذكره في نحو هذا ، وهو من الدسّ الإسرائيلي الخبيث لتسميم عقول المسلمين.
وأغرب من هذا كلّه أن يذكر ذلك في دواوين الحديث عند شريحة
____________________
(١) سنن الدارمي ١ / ١١٦.
(٢) مسند أحمد ٣ / ٣٨٧ ، المصنف ١٠ / ٣١٣ و ٦ / ١١٣ و ١١ / ١١١.