بحديث الرزية ، وقد استغرق الحديث عن هذه الثلاثة بقية الجزء الأوّل كلّه تقريباً فلا حاجة إلى إعادته ، وقد عرفنا أسباب دواعي تميزّه عن غيره من الصحابة حتّى الذين تشدّهم مع النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم قربى نسب أو مصاهرة ، فكان من أهم أسباب نبوغه المبكّر هو مباركة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم له بالدعاء بالحكمة والفقه والعلم بالتأويل ، وكان ذلك مدعاة فخر كبيرة ، ولكن كلّ ذلك لم يقنع المشكك في صحة رواية ذلك الكمّ الكثير من الروايات المنسوبة إلى ابن عباس ، فلابدّ لنا من وقفة تحقيق ، نستنير بمعالمه سواء الطريق.
ابن عباس في مهبِّ العاصفة
إنّ الحديث عن مرويات ابن عباس كمّاً وكيفاً حقّه أن يكون في الحلقة الرابعة حيث خصصتها لما قيل فيه وعنه ، ولذا سميتها ( ابن عباس في الميزان ) غير أنّ المقام يستدعي بيان بعض الشيء ولو بنحو الإيجاز ، لتسليط الضوء على ذلك الكمّ الكثير من الروايات الذي قالوا أنّه بلغ عددها ( ١٦٦٠ ) وعن مدى صحته أو عدم صحته ، ما دمنا في مقام الحديث عن بدء تعلّمه على يد معلّمه الأوّل وهو النبيّ الكريم صلى الله عليه وآله وسلم ، فأقول :
لقد أسرف القول غير واحد من الباحثين قديماً وحديثاً في تقويم المروي عن ابن عباس ، حتّى قالوا : ( روى غندر أنّ ابن عباس لم يسمع من النبيّ إلاّ تسعة أحاديث ، بينما يرى يحيى القطان أنّ ابن عباس لم يسمع من الرسول سوى عشرة أحاديث ، وقد أسرف الغزالي جداً حين قال