لموضع سفره وتعبه ونصبه ، واشتغاله بأمر نفسه ، وظعنه وإقامته ، لئلا يشتغل عما لابد له من معيشته ، رحمة من الله تعالى ، وتعطفا عليه ، إلا صلاة المغرب فانها لم تقصر لانها صلاة مقصرة في الاصل.
فان قال : فلم وجب التقصير في ثمانية فراسخ؟ لا أقل من ذلك ولا أكثر؟ قيل : لان ثمانية فراسخ مسيرة يوم للعامة ، والقوافل والاثقال ، فوجب التقصير في مسيرة يوم.
فان قال : فلم وجب التقصير في مسيرة يوم؟ قيل : لانه لو لم يجب في مسيرة يوم لما وجب في مسيرة سنة ، وذلك أن كل يوم يكون بعد هذا اليوم فانما هو نظير هذا اليوم ، قلو لم يجب في هذا اليوم لما وجب في نظيره ، إذا كان نظيره مثله ، لا فرق بينهما.
فان قال : قد يختلف السير وذلك أن سير البقر إنما هو أربعة فراسخ ، وسير الفرس عشرين فرسخا فلم جعلت أنت مسيرة يوم ثمانية فراسخ؟ قيل : لان ثمانية فراسخ هي مسير الجمال والقوافل ، وهو السير الذي يسيره الجمالون والمكارون.
فان قال : فلم ترك تطوع النهار ولايترك تطوع الليل؟ قيل : لان كل صلاة لاتقصير فيها فلا تقصير في تطوعها ، وذلك أن المغرب لاتقصير فيها فلا تقصير فيما بعدها من التطوع ، وكذلك الغداة لاتقصير فيما قبلا من التطوع.
فان قال : فما بال العتمة مقصرة وليس تترك ركعتاها؟ قيل : إن تلك الركعتين ليستا من الخمسين ، فانما هي زيادة في الخمسين تطوعا ، وليتم بها بدل كل ركعة من الفريضة ركعتين من النوافل.
فان قال : فلم جاز (١) للمسافر والمريض أن يصليا صلاة الليل في أول الليل قيل : لاشتغاله وضعفه ، ليحرز صلاته فيستريح المريض في وقت راحته ، ويشتغل المسافر بأشغاله وارتحاله وسفره (٢).
____________________
(١) في علل الشرايع : فلم وجب.
(٢) عيون الاخبار ج ٢ ص ١١٢ ١١٣.