بِالاستِحْقاقِ ، فَإنْ أتَتْكَ مِنْها سَهْمَةٌ مَعَ جَهْل أوْ فاتَتْكَ مِنْها بِغْيَةٌ مَعَ عَقْل ، فَإيّاكَ أنْ يَحْمِلَكَ ذلِكَ عَلَى الرَّغْبَةِ فِي الجَهْلِ ، وَالزُّهْدِ فِي العَقلِ ، فَإنَّ ذلكَ يُزري بِكَ وَيُرديكَ / ٣٦٨٣.
٨٨ ـ إنَّ مِنْ نَكَدِ الدُّنيا ، أنَّها لا تَبْقى على حالَة ، وَلا تَخْلُو مِنِ اسْتِحالَة ، تُصْلِحُ جانِباً بِفِسادِ جانِب ، وَتَسُرُّ صاحِباً بِمَساءَةِ صاحِب ، فَالكَوْنُ فيها خَطَرٌ ، وَالثِّقَةُ بِها غَرَرٌ ، وَالإخلادُ إلَيْها مُحالٌ ، وَالاعْتِمادُ عَلَيْها ضِلالٌ / ٣٦٨٤.
٨٩ ـ إنَّ الدُّنيا سَريعةُ التَّحَوُّلِ ، كَثيرَةُ التَّنَقُّلِ ، شَديدَةُ الغَدْرِ ، دائِمَةُ المَكْرِ ، فَأحوالُها تَتَزَلْزَلُ ، وَنَعيمُها يَتَبَدَّلُ ، وَرَخاؤُها يَتَنَقَّصُ ، وَلَذَّاتُها تَتَنَغَّصُ ، وَطالِبُها يَذِلُّ ، وَراكِبُها يَزِلُّ / ٣٦٨٥.
٩٠ ـ إنَّ الدُّنيا حُلْوَةٌ نَضِرَةٌ ، حُفَّتْ بِالشَّهَواتِ ، وَراقَتْ بِالقَليلِ ، وَتَحَلَّتْ بِالآمالِ ، وَتَزَيَّنَتْ بِالغُرُورِ ، لا تَدُومُ حَبْرَتُها ، وَلا تُؤْمَنُ فَجْعَتُها ، غَرّارَةٌ ، ضَرّارَةٌ ، حائِلَةٌ زائِلَةٌ ، نافِدَةٌ بائِدَةٌ ، أكّالَةٌ غَوّالَةٌ / ٣٦٨٦.
٩١ ـ إنَّ الدُّنيا يُونِقُ مَنْظَرُها ، وَيُوبِقُ مَخْبَرُها ، قَدْ تَزَيَّنَتْ بِالغُرُورِ ، وَغَرَّتْ بِزينَتِها ، دارٌ هانَتْ على رَبِّها ، فَخُلِطَ حَلالُها بِحَرامِها ، وَخَيْرُها بِشَـرِّها ، وَحُلْوُها بِمُرِّها ، لَمْ يُصَفِّهَا اللّهُ لأوليائِهِ ، وَلَمْ يَضُنَّ بِها على أعْدائِهِ / ٣٦٨٧.
٩٢ ـ إنَّ لِلدُّنيا مَعَ كُلِّ شَرْبَة شَرَقاً ، وَمَعَ كُلِّ أكْلَة غَصَصاً ، لاتُنالُ مِنْها نِعْمَةٌ إلاّ بِفِراقِ اُخرى ، وَلايَسْتَقْبِلُ فيها المَرْءُ يَوْماً مِنْ عُمْرِهِ إلاّ بِفِراق آخَرَ مِنْ أجَلِهِ ، وَلا يَحْيى لَهُ فيها أثَرٌ إلاّ ماتَ لَهُ أثَرٌ / ٣٦٨٨.
٩٣ ـ إنَّ الدُّنيا دارُ صِدْق لِمَنْ صَدَّقَها ، وَدارُ عافيَة لِمَنْ فَهِمَ عَنْها ، وَدارُ غِنىً لِمنْ تَزَوَّدَ مِنْها ، وَدارُ مَوْعِظَة لِمَنْ إتَّعَظَ بِها ، قَدْ آذَنَتْ بِبَيْنِها ، وَنادَتْ بِفِراقِها ، وَنَعَتْ نَفْسَها وَأهْلَها ، فَمَثَّلَتْ لَهُمْ بِبَلائِهَا البَلاءَ ، وَشَوَّقَتْهُمْ بِسُُرورِها إلَى السُّرُورِ ، راحَتْ بِعافِيَة ، وَتَبَكَّرَتْ ( ابتكرت ) بِفَجيعَة ، تَرْغيباً وَتَرهيباً ، وَتَخْويفاً وَتَحْذيراً ، فَذَمَّها رِجالٌ غَداةَ النِّدامَةِ وَحَمِدَ ها آخَرُونَ ، ذَكَّرَتْهُمْ