تبيين
قوله عليهالسلام : ( لئلا يكون القرآن مهجورا ) أي لولم يجب قراءته في الصلاة لتركوها لتساهلهم في المندوبات ، وليكون محفوظا لحفظ المعجز والمواعظ والاخبار والحقايق والاحكام ، التي اشتمل القرآن عليها.
( وذلك أن قوله ( الحمدلله ) إنما هوأداء ) أي لما علم الله سبحانه عجز عبيده عن الاتيان بحمده ، حمد نفسه بدلا عن خلقه ، أو أنه تعالى علمهم ليشكروه وإلا لم يعرفوا طريق حمده وشكره وقوله : ( وشكر ) تخصيص بعد التعميم أي شكر له على جميع نعمه لاسيما نعمة التوفيق للعبادة ( تمجيد له وتحميد ) التمجيد ذكر مايدل على المجد والعظمة والتحميد ذكر مايدل على النعمة ، ودلالته عليهما ظاهرة ، وأما الاقرار بالتوحيد فلان العالم مايعلم به الصانع ، وهو كل ماسوى الله ، وجمع ليدل على جميع أنواعه ، فاذا كان الله خالق الجميع ومدبرهم ومربيهم ، فيكون هو الواجب وغيره من آثاره ، والاستعطاف لان ذكره تعالى بالرحمانية والرحيمية نوع من طلب الرحمة ، بل أكمله.
وأقول : لما أشار الشهيدان رفع الله درجتهما في النفلية وشرحها إلى ما احتوى عليه هذا الخبر من الحكم والفوائد ، نذكر كلامهما لايضاحه :
قالا : ويلزمه استحضار التوفيق للشكر عند أول الفاتحة ، وعند كل شكر ، لان التوفيق لقوله : ( الحمدلله ) المشتمل على غرائب المعاني وجلائل الشكر نعمة من الله تعالى على القارئ ، وفقه لها بتعليمه الشكر له ، بهذه الصيغة الشريفة ، وليستحضر أن جملة الافراد المحمود عليها والنعم الظاهرة والباطنة عليه ، كلها من الله تعالى إما بواسطة أو بغير واسطة فان الواسطة فيها كلها رشحة من رشحات جوده ، ونفحة من نفحات فضله ، ليناسب كون جملة ( الحمدلله الجواد ) ويطابق المعنى المدلول عليه للاعتقاد.
واستحضار التوحيد الحقيقي عند قوله : (
رب العالمين ) حيث وصفه بكونه
ربا ومالكا لجميع العالمين ، من الانس والجن والملائكة وغيرهم ، واستحضار