اجتماعه مع ضدّ الآخر في الجملة ، وحينئذ نقول : الضدّ العامّ للنهي عن الضدّ عدم النهي ، وتحقّقه (١) إمّا في ضمن الأمر به ، أو في السكوت عن كلّ من الأمر به والنهي عنه ، والأمر بالشيء يجوز اجتماعه مع الثاني ، وبه يتمّ المطلوب ، فلا حاجة إلى اجتماعه مع الأوّل.
وعلى الثاني ما يفهم من الذمّ على فعل الضدّ من جهة أنّه متضمّن لترك المأمور به ، لا لأنّه فعل مخصوص.
وثانيهما : أنّ فعل السكون عين ترك الحركة ؛ إذ البقاء في الحيّز الأوّل هو بعينه عدم الانتقال إلى الحيّز الثاني ، وإنّما يختلف التعبير ، فيكون طلب فعل السكون عين طلب ترك الحركة (٢).
والجواب : أنّ طلب ترك الحركة هو طلب الكفّ عنها ، والسكون (٣) طلب الفعل ، ولا يكون الكفّ عن شيء عين فعل شيء آخر ، وإن لزمه.
نعم ، إن اريد بطلب ترك الضدّ فعل ضدّ ضدّ المأمور به ـ وهو عين فعل المأمور به بمجرّد الاصطلاح ـ صار النزاع لفظيّا في تسمية الفعل المأمور به تركا لضدّه ، وفي تسمية طلبه نهيا ، إلاّ أنّه لا بدّ من ثبوته من اللغة ولم يثبت ، ولو ثبت يرجع إلى أنّ الأمر بالشيء له عبارة اخرى كاللاحجيّة ، مثل « أنت وابن اخت خالتك » ولا يلتفت إلى مثله في المباحث الكلّية. هذا.
مع أنّ ما ذكر مثال جزئي لا يصحّ أن يجعل دليلا لأصل كلّي. على أنّ هذا يصحّ على رأي الفلاسفة حيث جعلوا السكون عدم الحركة (٤) ، ولا يصحّ على رأي المتكلّمين ؛ لأنّهما عندهم وجوديّان ، وليس أحدهما عدما للآخر (٥).
__________________
(١) أي عدم النهي.
(٢) راجع نهاية الوصول إلى علم الأصول ١ : ٥٣٢ ، وحكاه الغزالي عن أبي بكر الباقلاني في المستصفى : ٦٥ ، والآمدي في الإحكام في أصول الأحكام ٢ : ١٩٤ ، ولكن لم ينسبه إلى أحد.
(٣) عطف على « ترك » أي طلب السكون.
(٤) راجع شرح المنظومة : ٢٣٩ ـ ٢٤٠.
(٥) حكاه الغزالي في المستصفى : ٦٥ ، والعلاّمة في مناهج اليقين : ٦٠ ، والشهيد الثاني في تمهيد القواعد : ١٤٢ ، القاعدة ٤٣.