ومنهم : من جعل النزاع في العامّ وسكت عن الخاصّ (١).
ومنهم : من أطلق لفظ الضدّ ولم يبيّن المراد منه ، كالقائل بالأقوال الثلاثة الاول (٢).
والحقّ عندي ، أنّ شيئا من الأمر ليس عين النهي عن شيء من ضدّه ، [ أو شيئا من النهي ليس عين النهي عن شيء من ضدّه ] (٣) أو شيئا من النهي ليس عين الأمر بضدّه. والموسّع من الأمر لا يستلزم النهي عن الضدّ أيضا بوجه.
وأمّا المضيّق منه ، فالدالّ منه على الوجوب من غير تقييد بوقت خلوّ المأمور عن الضدّ ، فيتضمّن (٤) النهي التحريمي عن الضدّ العامّ ، ويدلّ بالالتزام المعنوي على النهي عن كلّ واحد من الأضداد الخاصّة الوجوديّة ، سواء كان المأمور مشتغلا بالضدّ أم لا ، بشرط أن لا يكون الضدّ أيضا واجبا مضيّقا ، بل كان مباحا أو ندبا ، أو واجبا موسّعا ، فإن كان للمأمور [ به ] (٥) ضدّ واحد وجودي كالحركة استلزم الأمر به النهي عنه فقط ، وإن كان له أضداد كثيرة استلزم النهي عن جميعها ، لا من حيث إنّ خصوصيّة الضدّ الواحد أو الأضداد الجزئيّة ملحوظة للآمر ، بل من حيث دخولهما تحت ما يضادّ المأمور به ، فإنّ ملحوظ الآمر النهي عمّا يضادّه إجمالا ، بل ربّما لم يشعر به أصلا ، ولكنّه يلزم النهي عنه من كلامه.
أمّا لو كان الضدّ الخاصّ للمأمور به واجبا مضيّقا وأمكن ذلك ، فلا يلزم من الأمر به النهي عنه ، ويلزم منه عدم لزوم النهي عن الضدّ العامّ أيضا.
والنهي التحريمي عن الشيء يستلزم معنى الأمر بأحد أضداده من غير تعيين.
وأمر الندب ونهي الكراهة يستلزمان كراهة الضدّ العامّ وندبه.
ونهي الكراهة يقتضي استحباب أحد الأضداد الخاصّة أيضا.
وأمر الندب لا يقتضي كراهة الضدّ الخاصّ أصلا.
__________________
(١ و ٢) راجع : العدّة في أصول الفقه ١ : ١٩٦ ، والمحصول ٢ : ١٩٩ ـ ٢٠٢ ، والإحكام في أصول الأحكام لابن حزم ٣ : ٣٢٦ ، والإحكام في أصول الأحكام ٢ : ١٩٢ ، ومنتهى الوصول : ٦٩ ، وفواتح الرحموت المطبوع مع المستصفى ١ : ١٠٠ ، وتمهيد القواعد : ١٣٥ و ١٣٦ ، القاعدة ٤٠ ، ومعالم الدين : ٦٣.
(٣) ما بين القوسين لم يرد في « ب » وهو ليس محلّ الكلام ، بل ليس للاقتضاء معنى صحيح ومحصّل.
(٤) كذا في النسختين. والأولى : « يتضمّن » بدون الفاء ، لأنّه خبر « الدالّ ».
(٥) اضيف للضرورة.