( فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ )(١) ؛ حيث دلّ على إيجاب السؤال عن أهل الذكر وهو لا يتمّ بدون وجود أهل الذكر ، وإيجاب الجواب عليهم ، ولا يمكنهم الجواب بدون الفقاهة ، فيلزم وجوب تحصيله على طائفة ، وقول الصادق عليهالسلام : « تفقّهوا في الدين ، فإنّه من لم يتفقّه منكم في الدين فهو أعرابي » (٢).
ويدلّ عليه أيضا : ورود الأمر عموما أو خصوصا بالإفتاء وإظهار الأحكام للناس ، ورجوع العوامّ إلى العلماء ، كقول الصادق عليهالسلام لأبان : « اجلس في مسجد المدينة وأفت ، فإنّي احبّ أن أرى من شيعتي مثلك » (٣) ، وغير ذلك.
[ الأمر ] الثالث : قد ثبت بالعقل والنقل (٤) والإجماع أنّ شغل الذمّة اليقينيّ محتاج إلى البراءة اليقينيّة.
[ الأمر ] الرابع : قد ورد النهي عن القول والفتوى بغير علم ، والحكم بغير ما أنزل الله حتّى عدّ الله الحاكم به كافرا وفاسقا وظالما ، وقال : ( وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ )(٥) ، و ( وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ) (٦) ، وحسبك في ذلك قوله تعالى في شأن نبيّه : ( وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ* لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ )(٧).
وقد ورد عن الصادق عليهالسلام : « حقّ الله على العباد أن يقولوا ما يعلمون ، ويكفّوا عمّا لا يعلمون » (٨).
وعنه : « لا يسعكم فيما ينزل بكم ممّا لا تعلمون إلاّ الكفّ والتثبّت » (٩).
وعنه : « من خاف ، تثبّت على التوغّل فيما لا يعلم ، ومن هجم على أمر بغير علم ، جدع أنف نفسه » (١٠).
__________________
(١) النحل (١٦) : ٤٣.
(٢) الكافي ١ : ٣١ ، باب فضل العلم ، ح ٦.
(٣) رجال النجاشي : ١٠ ، الرقم ٧. وفيه رواه عن أبي جعفر عليهالسلام.
(٤) تهذيب الأحكام ٧ : ٢٢٦ ، ح ٩٨٩.
(٥) البقرة (٢) : ١٦٩.
(٦) الإسراء (١٧) : ٣٦.
(٧) الحاقّة (٦٩) : ٤٤ ـ ٤٥.
(٨) الكافي ١ : ٤٣ ، باب النهي عن القول بغير علم ، ح ٧.
(٩) المصدر : ٥٠ ، باب النوادر ، ح ١٠.
(١٠) المصدر : ٢٦ ـ ٢٧ ، باب كتاب العقل والجهل ، ح ٢٩.