وعلى هذا ، فنسخ الوضوء ليس نسخا للصلاة ؛ لأنّ حكمها باق على ما كان ، ونسخ القبلة بالتوجّه إلى غيرها نسخ للصلاة ؛ لأنّها لو وقعت بعد النسخ إلى القبلة الاولى لم تكن مجزئة ، وبالتخيير (١) بين جميع الجهات ليس نسخا لها ؛ لأنّه لو صلّى إلى ما كان أوّلا أجزأه.
لنا : أنّ نقص جزء أو شرط وإن كان نسخا لوجوب الكلّ من حيث هو كلّ ؛ نظرا إلى انتفاء جزئه ولكنّه ليس نسخا لأصل العبادة بمعنى ارتفاع جميع أجزائها ؛ لأنّ النزاع فيه ؛ لأنّه لو كان نسخا لها ، لكان نسخا للباقي ، فيفتقر الباقي في وجوبه إلى أمر جديد وهو باطل بالإجماع. وأيضا دليل الكلّ متناول للجزءين فخروج أحدهما لا يوجب خروج الآخر ، كسائر التخصيصات.
احتجّ القائل بكونه نسخا بأنّه ثبت تحريم العبادة بدون المنقوص ، ثمّ ثبت جوازها ، أو وجوبها بدونه ، فارتفع حكم شرعي بحكم آخر ، ولا معنى للنسخ سوى هذا.
والجواب : أنّه لا معنى لتحريم العبادة بدون المنقوص سوى وجوبه ، وارتفاعه نسخ نحن نقول به ، إنّما الكلام في ارتفاع الباقي ولم يثبت دلالة عليه.
احتجّ المرتضى بأنّ نقص جزء عبادة ـ يوجب (٢) عدم إجزاء العبادة بتمامها لو فعلت بعد النقصان ـ يستلزم عدم كون الباقي جزءا من كلّ العبادة ، بل عبادة اخرى ، وإلاّ كان من صلّى الصبح ثلاثا آتيا لواجب وزيادة ، ولا يخفى فساده وهو يقتضي نسخ أصل العبادة.
والجواب : منع الاستلزام ، وإلاّ افتقر الباقي في وجوبه إلى دليل غير الأوّل ، وإنّه باطل إجماعا.
ثمّ فائدة الاختلاف هنا أيضا إنّما تظهر في إثبات النقصان بخبر الواحد ، كما عرفت في سابقه (٣).
__________________
(١) عطف على « بالتوجّه » أي نسخ القبلة بالتخيير.
(٢) هذه الجملة الفعليّة في محلّ النصب صفة للنقص وقوله : « يستلزم » خبر أنّ.
(٣) تقدّم في ص ٨٩٤.