أمّا لو قال : « صوموا النهار » ثمّ أوجب بعض الليل لم يكن نسخا ؛ لأنّه رفع مباح الأصل.
وإثبات بدل الشرط ـ كأن يقول : « صلّوا إن كنتم متطهّرين » ـ ثمّ أمر بالصلاة عند حصول أمر آخر ، لم يكن نسخا ؛ لأنّه رفع نفي كون البدل شرطا وهو حكم عقلي.
وإنّما أطلنا الكلام في ذكر الأمثلة ؛ ليحصل المهارة في استعلام أنّ أيّ صورة تقتضي رفع حكم شرعي ، وأيّها لا تقتضيه حتّى يكون الموافق لنا في هذه المسألة على بصيرة.
ثمّ أثر الاختلاف فيها إنّما يظهر في إثبات الزيادة بخبر الواحد بناء على أنّه لا ينسخ به الدليل القطعي ، فكلّ ما كان ناسخا لحكم ثبت (١) بالقاطع لا يجوز إثباته به ، وما لم يكن ناسخا أو كان ناسخا لحكم غير مقطوع به يجوز إثباته به ، وجليّة الحال على ما اخترناه غير خفيّة.
فصل [١٢]
نقص جزء أو شرط من عبادة ـ كنقص ركعتين من الظهر ، أو إبطال اشتراط الطهارة فيه ـ نسخ للمنقوص وفاقا. وهل هو نسخ لتلك العبادة؟ المختار أنّه ليس بنسخ.
وقيل : نسخ (٢).
وقيل : إن كان المنقوص جزءا ، فنسخ وإن كان شرطا ، فلا (٣).
وقال المرتضى :
|
إن كانت العبادة المنقوص منها بعد النقصان ممّا لو فعل بتمامه لم يعتدّ به شرعا ولم يجر مجرى فعله قبل النقصان ـ كنقص الركعتين من الأربع ؛ فإنّ الصلاة لو فعلت بعد النقص على الحدّ الذي كانت تفعل قبله ، لم تكن مجزئة وكان وجودها كالعدم ـ كان (٤) نسخا ، وإلاّ فلا ، كنقص عشرين من الحدّ ؛ فإنّ الحدّ لو اجري بعد النقص على الحدّ الذي يجري قبله ، كان مجزئا واعتدّ به شرعا إلاّ أنّه وقع فيه زيادة محرّمة (٥). |
__________________
(١) في « ب » : « يثبت ».
(٢) نسبه الآمدي إلى بعض المتكلّمين في الإحكام في أصول الأحكام ٣ : ١٩٢.
(٣) حكاه الفخر الرازي عن القاضي عبد الجبّار في المحصول ٣ : ٣٧٤.
(٤) أي كان ذلك النقص.
(٥) الذريعة إلى أصول الشريعة ١ : ٤٥٢.