فصل [١٣]
لا ريب في جواز نسخ جميع التكاليف بإعدام العقل ، وبدونه موضع خلاف ، فقيل بالجواز ؛ لأنّها أحكام فجاز نسخها كغيرها من الأحكام (١).
وقيل بعدم الجواز ؛ لأنّه يتوقّف على معرفة النسخ والناسخ (٢) ، وهذا تكليف ، فيلزم خلاف الفرض.
وقد اختلف العامّة في جواز نسخ وجوب المعرفة وتحريم الكفر والظلم والكذب وأمثالها (٣).
وأنت تعلم أنّ نسخ ما حسنه أو قبحه ذاتي غير جائز وفاقا ؛ لما هو الحقّ من ثبوت الحسن والقبح العقليّين.
فصل [١٤]
يعرف النسخ بالتضادّ مع العلم بالمتأخّر بضبط التاريخ ، وبالإجماع ، وبالتنصيص عليه أو بذكر ما في معناه ، نحو « كنت نهيتكم عن زيارة القبور ، ألا فزوروها » (٤) ، وأمثاله.
ولو قال الراوي : « هذا ناسخ » أو « منسوخ » لم يقبل ؛ لجواز أن يقول عن اجتهاد ولا نراه ، ولو قال : « هذا سابق » قبل ؛ ووجهه ظاهر.
وإذا تعارض قطعيّان وصرّح الراوي بأنّ أحدهما ناسخ للآخر ففي قبوله نظر ، من حيث إنّه نسخ للمتواتر بالآحاد أو بالمتواتر والآحاد. ثمّ إذا لم يعرف النسخ بإحدى الطرق المذكورة ، فالواجب التوقّف لا التخيير ؛ ووجهه ظاهر.
__________________
(١) قاله ابن الحاجب في منتهى الوصول : ١٦٥.
(٢) قاله الغزالي في المستصفى : ٩٣.
(٣) راجع : الإحكام في أصول الأحكام ٣ : ١٩٤ ، ومنتهى الوصول لابن الحاجب : ١٦٥ ، وشرح مختصر المنتهى ١ : ٣٥٠ ، ونهاية السؤل ٢ : ٦١٦.
(٤) سنن ابن ماجة ١ : ٥٠١ ، ح ١٥٧١.