ولو نصّ على عدم قيام غيره مقامه ، ثمّ أثبت التخيير ، كان نسخا بلا ريب.
وزيادة التخيير (١) ـ كالحكم بجواز الحكم بشاهد ويمين بعد ثبوت التخيير بين الحكم بشاهدين وشاهد وامرأتين ، الثابت من قوله تعالى : ( وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتانِ )(٢) ـ ليست نسخا ؛ لأنّ ما رفع به ـ وهو عدم جواز الحكم بشاهد ويمين ـ حكم عقلي لا دلالة للآية عليه.
فإن قيل : مفهوم الآية يمنع الحكم بالشاهد واليمين ؛ لأنّهما غير شهيدين من الرجال وغير رجل وامرأتين ، فالنصّ قد نفى الغير بالمفهوم.
قلنا : إنّه دلّ على طلب الاستشهاد لرجلين ، أو رجل وامرأتين ، فإن سلّم مفهومهما فهو أنّ غيرهما غير مطلوب. وأمّا أنّه لا يحكم بغيرهما إذا حصل ، فلا يدلّ عليه بمنطوق ولا مفهوم.
وتقييد الرقبة بالإيمان إن تأخّر كان نسخا لعموم الكتاب الدالّ على جواز عتق الكافر ، وإن قارن كان تخصيصا.
وإباحة قطع رجل السارق إذا سرق مرّة ثانية ليست نسخا ؛ لأنّها ترفع حظره الثابت بالعقل.
وزيادة غسل عضو في الطهارة ليست بنسخ ؛ لأنّها رفعت نفي وجوب هذا العضو وهو مباح الأصل.
ولقائل أن يقول : إنّها نسخ ؛ لأنّ الطهارة المزيد عليها كانت رافعة ومبيحة للدخول في الصلاة وصارت غير رافعة وغير مبيحة.
وزيادة ركن في الصلاة نسخ إن كان (٣) محرّما قبل ؛ لكونها رفعا لحرمته ، وليست بنسخ إن لم يكن (٤) محرّما قبل ؛ لكونها رفعا لحكم الأصل.
وإيجاب الصوم بعد الليل نسخ لكون الليل طرفا وغاية ؛ لرفعه له وهو حكم شرعي.
__________________
(١) والمراد به زيادة أطراف التخيير.
(٢) البقرة (٢) : ٢٨٢.
(٣) أي الركن.
(٤) أي الركن.