واحدة كالطهارة ، في الطواف ـ لم تكن نسخا (١).
والحقّ ـ كما ذهب إليه أهل التحقيق ـ أنّها إن رفعت حكما شرعيّا مستفادا من دليل شرعي ، كانت نسخا ، وإلاّ فلا ؛ لأنّ حقيقة النسخ ذلك.
وعلى هذا فزيادة ركعة على ركعتين نسخ ؛ لأنّها إن زيدت عليهما قبل التشهّد بحيث لم يكن تشهّد بعد الثانية ، كان ذلك نسخا لوجوب التشهّد في الثانية وتحريم الزيادة عليهما ، وكلاهما حكم شرعي. وإن زيدت عليهما بعد التشهّد قبل التحلّل بالتسليم بأن يكون بعد الثانية تشهّد ، كان ذلك نسخا لوجوب التسليم في الثانية وتحريم الزيادة عليهما ، وكلاهما حكم شرعي. وعلى التقديرين لا يلزم نسخ الركعتين ؛ لأنّ وجوبهما باق ، إلاّ أنّ وجوبهما كان منفردا فصار منضمّا والشيء لا ينسخ بمجرّد انضياف غيره إليه ، كما لا ينسخ وجوب فريضة إذا وجبت بعدها اخرى.
وزيادة التغريب على الجلد ، والعشرين على حدّ القذف يمكن أن تكون نسخا من حيث إنّها تنفي ما ثبت شرعا من تحريم الزيادة وإن لم تكن نسخا من حيث رفعها لنفي التغريب والزائد على الثمانين ؛ إذ هو (٢) حكم الأصل ورفعه (٣) ليس نسخا.
وإيجاب الزكاة في المعلوفة بعد قوله : « في الغنم السائمة زكاة » نسخ للمفهوم ، بعد ثبوته وكونه مرادا.
وإيجاب فعل معيّن ثمّ التخيير بينه وبين فعل آخر ليس نسخا ؛ لأنّ التخيير رافع لحكم عقلي وهو أصالة عدم إيجاب فعل آخر.
ولقائل أن يقول : إيجاب فعل يستلزم المنع من تركه ، وإقامة غيره مقامه يرفع ذلك ، وهو حكم شرعي ، فلو أوجب غسل الرجلين معيّنا ، ثمّ خيّر بينه وبين المسح ، فهو نسخ ؛ لأنّه رفع الوجوب عينا بوجوب أحد الأمرين مخيّرا ، وهو غيره ، وقد ثبتا (٤) بدليل شرعي. هذا.
__________________
(١) راجع : الذريعة إلى أصول الشريعة ١ : ٤٤٣ ـ ٤٤٥ ، والعدّة في أصول الفقه ٢ : ٥٣٠ ـ ٥٣١ ، ومنتهى الوصول لابن الحاجب : ١٦٤.
(٢) أي نفي التغريب.
(٣) أي رفع نفي التغريب.
(٤) أي الوجوب العيني والوجوب التخييري.