الأصل تغييرا شرعيّا ـ حتّى لو وقع بدونها لم يعتدّ به وصار وجوده كالعدم ووجب استئنافه ـ كانت نسخا (١) ، وإلاّ فلا ، وذكروا أمثلة :
منها : زيادة ركعة أو ركعتين على ركعتي الفجر ؛ لأنّهما لا تجزيان بعد الزيادة لو فعلهما على ما كان يفعلهما عليه أوّلا ؛ لتغيّر التشهّد والتسليم.
ومنها : زيادة التغريب على الجلد ؛ فإنّه لا يحصل الحدّ بالجلد دونه.
ومنها : زيادة عشرين جلدة على حدّ القذف ؛ فإنّه لا يحصل الحدّ بدون العشرين.
ومنها : تخيير المكلّف في امور ثلاثة بعد تخييره في اثنين منها ؛ فإنّ ترك الأوّلين ـ مع فعل الثالث قبل التخيير فيه ـ كان محرّما وبعده غير محرّم ، فهو ـ أي ترك الأوّلين ـ كالعدم في انتفاء الحرمة عنهما ، فالزيادة نسخ لتحريم تركهما.
وأنت تعلم أنّ المثال الأوّل ينطبق على هذا المذهب ، ولا ينطبق عليه البواقي ؛ إذ لا يجب فيها الاستئناف ، بل يجب ضمّ التغريب إلى الجلد في الثاني ، وضمّ العشرين إلى الثمانين في الثالث ، وفعل واحد من الاثنين في الرابع ؛ لحصول الامتثال به.
وذهب بعضهم إلى أنّ الزيادة إن اتّصلت بالأصل زيادة اتّحاد فهو نسخ (٢) ، وإلاّ فلا ، فزيادة ركعة على صلاة الفجر نسخ ؛ لأنّها لو عدمت لو يكن للركعتين أثر أصلا ، وكانت الثلاث واجبة ، وزيادة العشرين على حدّ القذف ليست بنسخ ؛ لأنّها لو عدمت كان للباقي أثر ولا يجب إلاّ العشرون.
وقال قوم : إنّ الزيادة إن رفعت مفهوم المخالفة للاولى ، مثل إيجاب الزكاة في المعلوفة بعد قوله : « في الغنم السائمة زكاة » كانت نسخا.
وإن كانت شرطا في صحّتها وكان الشرط والمشروط جزءين لعبادة ـ بحيث يحصل من مجموعهما عبادة واحدة تكون الزيادة بالنسبة إليها جزءا ، وبالنسبة إلى المزيد عليه شرطا بحيث لم يعتدّ به إذا افرد ولم يضمّ إليه الزيادة ، كزيادة ركعة في الفجر ـ أو كانت شرطا في صحّتها ولم يكونا جزءين لعبادة ـ بحيث يحصل من مجموعهما عبادة
__________________
(١) حكاه الآمدي عن قاضي عبد الجبّار في الإحكام في أصول الأحكام ٣ : ١٨٦.
(٢) المستصفى : ٩٤.