ويؤيّده ما روي من طريق العامّة أنّ ابن عبّاس قال لبعض (١) الصحابة : كيف تحجب الامّ بالأخوين وقد قال تعالى : ( فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ )(٢) والأخوان ليسا إخوة؟! فقال : حجبها قومك يا غلام (٣). وهو دالّ على رفع حكم الكتاب بالإجماع.
فصل [٩]
القياس إن كان منصوص العلّة ، أو كان الحكم فيه في الفرع أقوى منه في الأصل ، جاز أن يكون ناسخا ؛ لكونه دليلا شرعيّا ، ومنسوخا في حياة النبيّ صلىاللهعليهوآله بنصّ منه ، وأمّا بعده فلا ينسخ ؛ إذ لا ولاية للامّة للنسخ. نعم ، ربما ظهر بعده أنّه كان منسوخا.
وإن كان مستنبط العلّة لم يمكن أن يكون ناسخا. ووجهه ظاهر. وربما أمكن أن يكون منسوخا عند القائلين به. وأمّا عندنا ، فأصله ساقط.
تذنيب
نسخ القياس إمّا بالنصّ على نسخ حكم الفرع ـ كما إذا ثبت حرمة النبيذ قياسا على حرمة الخمر بجامع الإسكار ، فنصّ الشارع على زوال حرمة النبيذ ـ أو بالنصّ على نسخ حكم الأصل ، فيقاس عليه. وفي تسمية ذلك نسخا لحكم الفرع نزاع لفظي.
مثاله : أن ينصّ الشارع على زوال حرمة الخمر ، فيحكم على زوال حرمة النبيذ أيضا ؛ لأنّ نسخ الأصل يستلزم خروج علّيّته عن الاعتبار شرعا ؛ إذ علم عدم ترتّب الحكم عليها في الأصل ، والحكم في الفرع إنّما يثبت بالعلّة ، فإذا انتفت انتفى ، وإلاّ لزم ثبوت الحكم بلا دليل.
وقيل : نسخ حكم الأصل لا يوجب نسخ حكم الفرع ؛ لأنّ الفرع تابع للدلالة لا للحكم ، فلا يلزم من انتفاء الحكم انتفاء الدلالة ، فالدلالة الثابتة على حكم الفرع باقية وإن
__________________
(١) وهو عثمان كما في الإحكام في أصول الأحكام ٣ : ١٧٥.
(٢) النساء (٤) : ١١.
(٣) حكاه الآمدي في الإحكام في أصول الأحكام ٣ : ١٧٥.