فصل [٨]
مقتضى بعض الأدلّة السابقة حجّيّة مفهوم الزمان والمكان ، فتقييد الحكم بزمان أو مكان يدلّ على مخالفة غير ذلك الزمان والمكان لهما فيه ، فلو قال لوكيله : « افعله » ، ثمّ قال له :
« افعله في هذا اليوم » أو « هذا المكان » كان منعا له فيما عدا ذلك ، فلو خالف الوكيل وفعل فيما عدا ذلك ، لم يصحّ ، فلو كان فعله واحدا من العقود أو الإيقاعات بطل.
ولو قال المدّعى عليه : « لا يلزمني تسليم هذا المال اليوم » ، فقيل : لا يكون إقرارا (١) ؛ لأنّ الإقرار لا يثبت بالمفهوم ، ومقتضى المفهوم لزومه في غير ذلك اليوم ، فيكون إقرارا بالمؤجّل ، أو بثبوته قبل ذلك ، فيلزمه إثبات الردّ ، فلو لم يثبته لزمه الأداء.
تنبيه
لا يخفى عليك أنّ فائدة الخلاف في حجّيّة المفهوم وعدمها إنّما تظهر إذا كان المفهوم مخالفا للأصل ، نحو « ليس في الغنم المعلوفة زكاة » أو « ليس في الغنم إذا كانت معلوفة زكاة » أو « ليس في الغنم زكاة إلى أن تسوم » و « إنّما ليس في الغنم زكاة ». أو « لا تبع في هذا الزمان » أو « المكان ».
وأمّا إذا كان موافقا للأصل ، نحو « في الغنم السائمة زكاة » ومثله ، فلا يظهر للخلاف فيه ثمرة ؛ لثبوت المفهوم بالبراءة الأصليّة وإن لم يقل بحجّيّته.
فصل [٩]
مفهوم اللقب ليس حجّة ؛ خلافا لمن لا يعتدّ به (٢) ، فتعليق الحكم بالاسم ـ طلبا كان أم خبرا ـ لا يدلّ على نفي الحكم عمّا لم يتناوله الاسم ؛ لأنّه قد تقدّم (٣) أنّ المقتضي لاعتبار المفهوم اشتمال الكلام على اللغو لولاه ، واللقب قد انتفى فيه هذا المقتضي ؛ إذ لو طرح اختلّ الكلام.
__________________
(١) نقله الأسنوي عن الرافعي في التمهيد : ٢٥٩ ـ ٢٦٠.
(٢) نسبه ابن الحاجب إلى الدقّاق وبعض الحنابلة في منتهى الوصول : ١٥٢.
(٣) تقدّم في ص ٨٥٨.