لنا : أنّ الشرط لغة ما ينتفي المشروط بانتفائه (١) ، فإذا ثبت كونه شرطا يلزمه ذلك.
وأيضا قولنا : « إن دخل فأكرمه » بمثابة قولنا : « الشرط في إكرامه الدخول » عرفا. ولا ريب أنّ المتبادر منه انتفاء « الإكرام » عند انتفاء « الدخول » فكذا ما هو بمثابته ، وإذا كان كذلك عرفا يكون كذلك لغة ؛ لأصالة عدم النقل ، فيندفع القول بأنّ تسمية « إن » حرف شرط اصطلاح طار ، كالرفع والنصب.
والقول بأنّ الغالب في أداة الشرط في الأحكام استعمالها في السببيّة فلا يلزمه ما ذكر (٢) ، مندفع بأنّ ترتّبه على السبب أجدر ؛ لأنّ المسبّب ينتفي بانتفاء السبب. وإمكان تعدّد السبب مدفوع بأصالة العدم. ولو علم التعدّد ـ كما [ إذا ] (٣) علم إثبات الحقّ المالي بشاهد وامرأتين ، وشاهد ويمين ، وشاهدين ـ فالتعليق على أحدها ـ كما في قوله تعالى : ( وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ )(٤) ـ لا يمنع من ثبوت الحكم بغيره ؛ لأنّ السبب حينئذ (٥) « أحدها » فانتفاء المسبّب يتوقّف على انتفاء جميعها ؛ لأنّ مفهوم « أحدها » لا يعدم إلاّ بعدم الجميع.
ولنا أيضا : أنّه لو لم يدلّ على مخالفة المسكوت عنه المذكور ، لم يكن لتخصيص الشرط بالذكر فائدة وكان بمثابة قولنا : « الإنسان إذا كان أبيض لا يعلم الغيب » و « إذا كان أسود لا يبصر إذا نام » مع أنّ ظاهر التخصيص يستدعي فائدة. وغير فائدة تخصيص الحكم بالشرط منتف بالفرض أو الأصل (٦) ، فيلزم الحكم بدلالته عليه ؛ صونا لكلام البلغاء عن اللغو.
وهذا الدليل يجري في سائر المفاهيم المتقدّمة سوى مفهوم اللقب ؛ لأنّ اللقب لو اسقط اختلّ الكلام ولم يكن مفيدا أصلا ، فذكر لذلك. وأمّا غيره ، فلو اسقط انتظم الكلام وأفاد ،
__________________
(١) المعجم الوسيط : ٤٧٩ ، « ش ر ط ».
(٢) أشار إليه ابن الحاجب في منتهى المطلب : ١٥٢.
(٣) أضفناه لاستقامة العبارة.
(٤) البقرة (٢) : ٢٨٢. فإنّ الشاهدين من الرجال أحد الأسباب الثلاثة المذكورة.
(٥) أي حين العلم بأنّ أسباب إثبات الحقّ المالي ثلاثة.
(٦) والمراد به أصالة العدم ، وهو استصحاب عدم تحقّق الفائدة عند الشكّ في تحقّقها.