غيّر طعمه أو لونه أو ريحه » (١) بمفهوم « إذا بلغ الماء قلّتين لم يحمل خبثا » (٢).
فصل [٥٠]
الحقّ أنّ مذهب الراوي لعامّ على (٣) خلاف العموم ليس مخصّصا له ، سواء كان الراوي صحابيّا أو غيره ؛ لأنّ العموم دليل ، ومذهبه ليس بدليل.
واحتجاج الخصم بأنّ مخالفته تستدعي دليلا وإلاّ انقدحت روايته (٤) ، مندفع بأنّه ربما ظنّه دليلا ولم يكن.
ومثاله : رواية أبي هريرة وعمله في الولوغ ، فإنّه روى : « غسل الإناء منه سبعا » (٥) ، وعمله أنّه يجب الغسل ثلاثا من ولوغ الكلب (٦). ورواية ابن عبّاس عن النبيّ صلىاللهعليهوآله : « من بدّل دينه فاقتلوه » (٧) مع أنّ مذهبه أنّ المرتدّة لا تقتل ، بل تحبس (٨) ، وهو قول الأصحاب (٩) ؛ لأخبار وردت عن الأئمّة عليهمالسلام (١٠) فهي المخصّصة عندنا.
فصل [٥١]
قد اختلف العامّة في جواز التخصيص بالقياس على أقوال متكثّرة لا فائدة في إيرادها ، وما يقتضيه النظر أنّ ما ثبت حجّيّته يجوز أن يكون مخصّصا ؛ لما تقدّم (١١) من أنّ إعمال الدليلين ولو من وجه أولى من طرح واحد أو كليهما ، دون غيره (١٢) ، ووجهه ظاهر ، فعندنا لا يمكن أن
__________________
(١) وسائل الشيعة ١ : ١٣٥ ، أبواب الماء المطلق ، الباب ١ ، ح ٩.
(٢) سنن الترمذي ١ : ٩٧ ، ح ٦٧ ، وسنن الدارمي ١ : ١٨٦ ـ ١٨٧ ، وسنن أبي داود ١ : ١٧ ، ح ٦٣ و ٦٥.
(٣) « على » متعلّق بقوله : « مذهب » و « لعامّ » متعلّق بقوله : « الراوي ».
(٤) حكاه ابن الحاجب عن الحنفيّة والحنابلة في منتهى الوصول : ١٣٣.
(٥) حكاه الشيخ في العدّة في أصول الفقه ١ : ٣٦٣.
(٦) حكاه عنه الشيخ في المصدر.
(٧) سنن ابن ماجة ٢ : ٨٤٨ ، ح ٢٥٣٥ ، وصحيح البخاري ٣ : ١٠٩٨ ، ح ٢٨٥٤.
(٨) راجع الامّ ٥ : ١٦٧.
(٩) راجع : المبسوط ٨ : ٢٨٢ ، والسرائر ٢ : ٧٠٧.
(١٠) تهذيب الأحكام ١٠ : ١٤٣ ، ح ٥٦٥ ، ووسائل الشيعة ٢٨ : ٣٣٠ ، أبواب حدّ المرتدّ ، الباب ٤ ، ح ١.
(١١) تقدّم في ص ٨٠٣.
(١٢) أي دون غير ما ثبت حجّيّته.