والجواب : منع لزوم الضعف بالتخصيص ، وقطعيّة العامّ من كلّ وجه كما تقدّم (١).
احتجّ المتوقّف بأنّ لكلّ منهما قوّة من وجه ، فتكافئا ، فيلزم التوقّف (٢).
والجواب : أنّ الترجيح للخاصّ ؛ إذ في اعتباره جمع بين الدليلين ، وهو أولى من إبطال أحدهما أو كليهما.
وإذ عرفت ذلك ، فلا يخفى عليك كيفيّة التفريع.
[ القسم ] الثامن : تخصيص الخبر المتواتر بخبر الواحد ، وهو كسابقه خلافا ، واختيارا ، واحتجاجا ، وإيرادا ودفعا.
فصل [٤٩]
الأكثر على جواز تخصيص المنطوق بالمفهوم ، سواء فيه مفهوم الموافقة ومفهوم المخالفة ، كتخصيص قوله عليهالسلام : « في الغنم زكاة » (٣) بمفهوم قوله : « في الغنم السائمة زكاة » (٤). والحجّة عليه أنّه دليل شرعي عارض مثله ، وفي اعتباره جمع بين الدليلين وهو أولى من إهمال أحدهما أو كليهما بالكلّيّة.
احتجّ الخصم بأنّ المفهوم أضعف من المنطوق ، فلا يعارضه (٥).
والجواب : منع كون دلالة المفهوم أضعف من دلالة العامّ بالنسبة إلى خصوصيّة الخاصّ ، بل أكثر صور المفهوم ـ التي هي حجّة (٦) ـ لا يقصر في القوّة عن دلالة العامّ على خصوصيّات الأفراد ؛ لشيوع تخصيص العمومات. ولو سلّم فنقول : إنّ ضعفه بالنسبة إليه لم يبلغ حدّا ينمحي معه ، فلا يعارضه فطرح وترك الجمع الأولى.
ويتفرّع عليه وجوب تخصيص قوله عليهالسلام : « خلق الله الماء طهورا لا ينجّسه شيء إلاّ ما
__________________
(١) في ص ٨٠٥.
(٢) ذكره ابن الحاجب في منتهى الوصول : ١٣١.
(٣) جامع الاصول ٤ : ٥٩٣ ، ح ٢٦٧١.
(٤) تهذيب الأحكام ٤ : ٢ ، ح ٢ ، والاستبصار ٢ : ٢ ، ح ٢.
(٥) حكاه ابن الحاجب بعنوان « إن قيل » في منتهى الوصول : ١٣٢.
(٦) كذا في النسختين. وحقّ العبارة أن تكون هكذا : « التي هو حجّة فيها ».