التأسّي في ذلك الفعل ، فلو قال : « كشف الفخذ حرام على كلّ مكلّف » ثمّ كشف ، وثبت وجوب اتّباعه بمثل قوله تعالى : ( فَاتَّبِعُوهُ )(١) لصارت الآية مخصّصة بقوله صلىاللهعليهوآله : حتّى يحرم على الامّة كشف الفخذ ، ولا يلزم عليهم اتّباعه في فعله المخالف له. وهذا هو الحقّ ؛ لأنّ فيه عملا بالعمومين ، أعني قوله الدالّ على الحكم العامّ ؛ حيث ثبت منه حرمة الكشف علينا ، والدليل العامّ على الاتّباع ؛ حيث خصّص بغير ذلك الفعل ، فيثبت منه وجوب التأسّي في غيره ، بخلاف ما لو ابقي الثاني على عمومه وجوّز الكشف للامّة أيضا ؛ فإنّه يلزم إلغاء الأوّل بالكلّيّة.
ولا ريب أنّ الجمع مهما أمكن أولى من إلغاء أحدهما رأسا. وحاصله أنّ ما اخترناه قول بالتخصيص ، وما ذهب إليه من خالفنا (٢) قول بالنسخ ، والتخصيص راجح على النسخ.
وعلى ما قرّرناه يظهر أنّ جواب المخالف بأنّ المخصّص مجموع دليل الاتّباع والفعل وهو أخصّ من الحكم العامّ فلا يلزم ما ذكر (٣) ، فاسد ؛ لأنّ المجموع يرفع حكم القول العامّ بالكلّيّة فلا يبقى معمولا به في مادّة ليكون مخصّصا بالمجموع ويكون المجموع أخصّ منه ، بل يكون منسوخا ، فيلزم ما ذكر من إلغائه رأسا.
وكيفيّة التفريع أنّ الزاني المحصن يرجم مع أنّ مقتضى عموم قوله تعالى : ( الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا )(٤) أن يجلد ؛ لتخصيصه برجمه الماعز (٥).
السابع : تقريره صلىاللهعليهوآله ، فلو فعل أحد بحضرته ما ينافي العامّ ولم ينكره ، كان مخصّصا للفاعل ؛ لأنّ سكوته دليل جواز الفعل ؛ إذ علم من عادته صلىاللهعليهوآله أنّه لو لم يكن جائزا لما سكت ، وإذا كان تقريره دليل جواز الفعل لزم التخصيص به ؛ جمعا بين الدليلين.
ثمّ لو تبيّن معنى هو العلّة لتقريره ، حمل على الفاعل من توافقه فيه ، وإلاّ اختصّ به.
والتفريع عليه ظاهر.
__________________
(١) الأنعام (٦) : ١٥٣.
(٢) تقدّما في ص ٨٠٢.
(٣) تقدّما في ص ٨٠٢.
(٤) النور (٢٤) : ٢.
(٥) تقدّم في ص ٤٤٩ و ٤٦٧.