مثل : « ضرب زيد قوّة » أو « في هذا اليوم » أو « المكان خير من ضرب عمرو » فإنّها خصّصت (١) العامّ وهو « ضرب زيد » ببعض أفراده. وحكمها في الرجوع على المتعدّد حكم الحال.
فصل [٤٨]
قد أشرنا فيما تقدّم (٢) أنّ المخصّصات المنفصلة تسعة :
الأوّل : العقل
والحقّ جواز التخصيص به خلافا لطائفة (٣).
لنا : قوله تعالى : ( اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ )(٤) ، وقوله : ( وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ )(٥) ؛ فإنّ العقل يحكم بامتناع خلقه لذاته ، وعدم قدرته على إيجاد مثله من كلّ جهة.
ولنا أيضا : قوله تعالى : ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً )(٦) لحكم العقل بخروج من لا يفهم الخطاب ، كالصبيّ والمجنون.
واحتجّوا بأنّ المخصّص متأخّر ؛ لأنّ التخصيص بيان ، والبيان متأخّر عن المبيّن ، والعقل مقدّم على الخطاب ؛ وبالقياس على النسخ بجامع كونهما بيانا ؛ وبأنّ مثله لو كان تخصيصا لصحّت إرادة العموم لغة ؛ إذ التخصيص فرع كون المخصّص والباقي مسمّيات اللفظ ، وإطلاق اللفظ على مسمّياته صحيح قطعا مع أنّه لو اريد من العمومات المذكورة ما أخرجتم يخطأ لغة (٧).
والجواب عن الأوّل : أنّه إن اريد بتأخّر المخصّص تأخّر ذاته ، منعنا الصغرى ، وإن اريد به تأخّر وصفه ـ أعني كونه مبيّنا ـ منعنا الكبرى.
__________________
(١) في « ب » : « مخصّصة ».
(٢) تقدّم في ص ٧٦١.
(٣) حكاه الآمدي عن طائفة شاذّة من المتكلّمين في الإحكام في أصول الأحكام ٢ : ٣٣٩.
(٤) الرعد (١٣) : ١٦.
(٥) المائدة (٥) : ١٢٠.
(٦) آل عمران (٣) : ٩٧.
(٧) حكاه ابن الحاجب في منتهى الوصول : ١٢٩.