ولو قال : « ما له خمسة أثواب إلاّ درهم » بالرفع ، فهو إقرار بالدرهم على رأي أهل الحجاز (١) دون بني تميم (٢). وينعكس إذا قال : « إلاّ درهما » بالنصب.
فصل [٣٧]
الجهل في الاستثناء إمّا لجهل المستثنى منه والمستثنى معا ، كقوله : « له صبرة إلاّ جزءا منها ». أو لجهل أحدهما ، كقوله : « له صبرة إلاّ منّين منها » و: « له عشرة دراهم إلاّ شيئا منها ».
ولا ريب أنّ الاستثناء المجهول بأقسامه باطل في العقود ، ويبطل العقود المشتملة عليه بشرط تعلّق العقد ـ من البيع أو الإجارة ـ بالمستثنى منه ، كقوله : « بعتك صبرة إلاّ جزءا منها » و « آجرتك بيتا » أو « هذا البيت إلاّ بعضا منه ».
ولو تعلّق بالمستثنى ، فإن كان مجهولا بطل العقد ، سواء كان المستثنى منه مجهولا أو معيّنا ، مثل : « ما بعتك إلاّ بيتا » أو « هذا البيت (٣) إلاّ جزءا منها ». وإن كان معيّنا فالعقد صحيح ، وإن كان المستثنى منه مجهولا ، مثل : « ما بعتك من هذه الصبرة إلاّ منّان منها » أو « ما آجرتك من هذه الدار إلاّ هذا البيت منها ».
ويتفرّع عليه جواز بيع قدر معيّن من أثمار بستان وأوراقه.
وأمّا في الأقارير فيكلّف بالتفسير ، ويقبل قوله إن فسّر بغير المستوعب ، وإلاّ فقيل : يبطل تفسيره ويصحّ الاستثناء (٤) ؛ لسبق الحكم بصحّته ، وعدم اقتضاء بطلان التفسير لبطلانه ، فيكلّف بالتفسير ثانيا وثالثا إلى أن يفسّر بغير المستوعب ، ويقبل قوله حينئذ.
وقيل : يبطل الاستثناء أيضا (٥) ، وهو الصحيح ؛ لانحصار مراده بالاستثناء فيما بيّنه. فلو قال : « له ألف إلاّ شيئا » أو « إلاّ درهما » كلّف بتفسيرهما على الأوّل ، وتفسير الثاني على الثاني. فإن فسّر بغير المستوعب قبل قوله. ولو فسّر بالمستوعب ، فعلى ما اخترناه يلزمه الألف المفسّر ويبطل الاستثناء ؛ لأنّه بيّن ما أراد من اللفظ ، فجرى مجرى ما لو تلفّظ به أوّلا.
__________________
(١ و ٢) راجع منتهى الوصول لابن الحاجب : ١٢١.
(٣) أي ما بعتك هذا البيت.
(٤ و ٥) راجع : قواعد الأحكام ٢ : ٤٣٠ ، وتمهيد القواعد : ٢٣٤ ، القاعدة ٨٦.