والأوّل إمّا متّصل نحو : ( ما فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ )(١) و ( وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّالُّونَ )(٢) ، أو منقطع.
والأوّل يجوز فيه النصب واتباع المستثنى للمستثنى منه ، كما في الآيتين وهو الأرجح.
والتابعيّة إمّا البدليّة كما ذهب إليه البصريّون ؛ فإنّهم قالوا : إنّه بدل « بعض » حينئذ (٣). أو العطفيّة كما ذهب إليه الكوفيون ؛ فإنّهم قالوا : إنّه عطف النسق حينئذ (٤).
والثاني إن أمكن فيه تسلّط العامل على المستثنى ، مثل : ( ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّباعَ الظَّنِ )(٥) ، و: ( قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللهُ )(٦) ، فأهل الحجاز على نصب المستثنى ، وبنو تميم على اتباعه (٧).
وإن لم يمكن تسلّطه عليه ، فالنصب وفاقا ، نحو : « ما زاد هذا المال إلاّ ما نقص » إذ لا يقال « زاد النقص ».
وكيفيّة التفريع أنّه لو قال : « عليّ عشرة إلاّ درهما » بالنصب يلزمه تسعة ؛ لكون « إلاّ » للاستثناء حينئذ ، ولو قال « إلاّ درهم » ـ بالرفع ـ يلزمه عشرة ؛ لكونها للصفة حينئذ.
ولو قال : « ما له عليّ إلاّ عشرة » لزمه ما بعد « إلاّ » خاصّة ؛ لأنّه مستثنى من النفي الناقص ، ولو نصب المستثنى كان لحنا. وفي كونه إقرارا بالمستثنى حينئذ وجهان ؛ نظرا إلى ظهوره في الاستثناء من المنفيّ وإن كان لحنا ، وعدم موافقته لمحاورات أرباب اللسان ، ومعاضدته بأصالة البراءة.
ولو قال : « ما له عليّ عشرة إلاّ درهم » ـ بالرفع ـ فهو إقرار بدرهم. ولو قال : « إلاّ درهما » ـ بالنصب ـ يحتمل كونه إقرارا بالدرهم ؛ لجواز نصبه على الاستثناء ، وإن كان مرجوحا. وعدمه ؛ لمخالفته لما هو الأرجح مع معاضدته بأصالة البراءة. وهذا هو المشهور.
__________________
(١) النساء (٤) : ٦٦.
(٢) الحجر (١٥) : ٥٦.
(٣ و ٤) حكاهما عنهم ابن هشام في مغني اللبيب ١ : ٧٠.
(٣ و ٤) حكاهما عنهم ابن هشام في مغني اللبيب ١ : ٧٠.
(٥) النساء (٤) : ١٥٧.
(٦) النمل (٢٧) : ٦٥.
(٧) راجع تفسير الكشّاف ٣ : ٣٧٨ ، ذيل الآية ٥٦ من النمل (٢٧).