هذا على ما هو الصحيح من جواز الاستثناء المنقطع ، وإلاّ فيتعيّن حمل « الألف » على الثاني على الدراهم ، فيلزمه من الدراهم ما يبقى بعد إخراج درهم واحد من ألف درهم.
فصل [٣٨]
قد عرفت أنّ الاستثناء المنقطع صحيح (١) ، إلاّ أنّ إطلاق الاستثناء عليه مجاز ، فمع قيام الصارف عن الحقيقة يحمل على المنقطع ويكون صحيحا ، مثل : « له عليّ ألف غنم إلاّ ثوبا » أو « عبدا » ، فإنّه يصحّ ويحمل على المجاز. ثمّ عليه أن يبيّن ثوبا لا يستغرق قيمته الألف.
ومع احتمال الاتّصال والانفصال فيحمل على الحقيقة ؛ لعدم جواز الحمل على المجاز مع إمكان الحمل على الحقيقة ، لكنّ هذه الضابطة قد خولفت في باب الإقرار ، كما إذا قال : « عليّ ألف إلاّ أربعة دراهم » فله أن يفسّر « الألف » بما أراد وفاقا ، ولا يكون تفسير المستثنى تفسيرا للمستثنى منه ، والسرّ فيه قيام الاحتمال فيما خالف الأصل ؛ إذ الأصل براءة الذمّة (٢) ، فيقبل تفسير المعاضد بالأصل وإن كان مع قطع النظر عنه مرجوحا.
فصل [٣٩]
لا يجوز تقديم المستثنى في أوّل الكلام ، مثل : « إلاّ زيدا جاء القوم » ، كما لا يجوز تقديم حرف العطف ؛ لأنّ معنى « إلاّ زيدا » : لا زيد.
ولو تقدّمه ناف ، فإن كان النافي حرفا ، فالمنع بحاله ، مثل : « ما إلاّ زيد جاءني أحد ». وإن كان فعلا فيجوز ، نحو : « ليس » أو « لم يكن إلاّ زيد في الدار أحد ». فلو قال : « إلاّ درهما عليّ عشرة » لم يكن الاستثناء صحيحا ولزمه العشرة. ولو قال : « ما إلاّ درهم عليّ دراهم » لم يصحّ الاستثناء أيضا. ولو قال : « ليس إلاّ » (٣) ، صحّ ولزمه درهم.
__________________
(١) تقدّم في ص ٧٧٣.
(٢) قاله الشهيد الثاني في تمهيد القواعد : ١٩٧ ، القاعدة ٦٨.
(٣) أي « ليس إلاّ درهم عليّ عشرة ».