من الربع بعد إخراج نصفه عنه ، وهلمّ جرّا.
ومنها : أنّا نقطع بالتبادر أنّ الضمير عائد إلى الجارية بكمالها ؛ إذ المراد نصف كمالها قطعا.
ومنها : أنّ أهل العربيّة أجمعت على أنّ الاستثناء المتّصل إخراج بعض من كلّ (١) ، ولو اريد من الجارية نصفها لم يكن ثمّة كلّ وبعض وإخراج.
ومنها : أنّه يبطل النصوص كلّها ؛ إذ ما من لفظ له أجزاء أو جزئيّات إلاّ ويمكن الاستثناء لبعض مدلوله ، فيكون المراد هو الباقي ، فلا يبقى نصّا في الكلّ ، مع أنّا نقطع بأنّ بعض الألفاظ نصّ في مدلوله. هذا.
وقد أجاب الأكثر عن هذه الوجوه بأنّ المراد بالمستثنى منه هو المجموع من حيث الظاهر وبالنظر إلى إفراد اللفظ ، والباقي من حيث الحكم وبالنظر إلى التركيب ، فلا يلزم شيء منها.
وغير خفيّ أنّ هذا رجوع إلى المذهب المختار.
وقد اعترض بعض (٢) من وافقنا على مذهب القاضي بوجوه ؛ لعدم تحصيل مرامه ، وبعد حمله على المذهب المختار لا مدخليّة لشيء منها في إبطاله ، بل ربما أيّدت صحّته. هذا.
واحتجّ الأكثر ـ لإبطال ما اخترناه ليثبت ما اختاروه ـ بأنّ « العشرة » في هذا التركيب ليست مهملة ، فلا بدّ أن يراد منها كمالها أو سبعة. والأوّل باطل ؛ لأنّا نقطع أنّه لم يقع الإقرار إلاّ بسبعة ، فتعيّن الثاني ، وهو المطلوب.
وبأنّه لو اريد منها كمالها ، لزم كذب ما هو صدق قطعا ، كقوله تعالى : ( فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ خَمْسِينَ عاماً )(٣) ؛ لما يلزم من إثبات لبث الخمسين ونفيه ، وهو تناقض.
وجوابهما ـ كما عرفت (٤) ـ : أنّ الحكم بالإقرار واللبث إنّما هو بعد الإخراج ، ولذا نحكم بهما على الباقي لا لأنّه المراد من العشرة والألف.
__________________
(١) حكاه ابن الحاجب في منتهى الوصول : ١٢٢.
(٢) المعترض هو ابن الحاجب في منتهى الوصول : ١٢٣.
(٣) العنكبوت (٢٩) : ١٤.
(٤) في ص ٧٤٩.