فإنّ المطلوب من كلّ منهما أنّ المركّب حقيقة في السبعة ، ومفرداته مستعملة في معانيها الحقيقيّة.
وأمّا مذهب الأكثر ، فلا يرجع إلى المذهب المختار كما توهّم ؛ لأنّه على المشهور استعمل العشرة المقيّدة بإخراج الثلاثة ـ على أن يكون القيد خارجا ـ في السبعة ، فالعشرة مستعملة في السبعة وليست مستعملة في معناها. وعلى المختار يكون العشرة مستعملة حقيقة في معناها.
وإذا رجع قول القاضي إلى ما اخترناه وصارت المسألة ذات قولين ، فمن إبطال قول الأكثر يثبت ما اخترناه ؛ لعدم محمل صحيح آخر ، ولذا لو لم يحمل قول القاضي عليه (١) لم يكن له معنى محصّل.
ويدلّ على بطلان قول الأكثر وجوه :
منها : أنّه لا يمكن تصوّر العشرة المقيّدة بإخراج الثلاثة منها ، على أن يكون القيد خارجا عنها ؛ لأنّ تقييدها بإخراج الثلاثة منها كتقييد الأربعة بكونها ليست بزوج ، وتصوّر ذات الشيء مع عدم ما يلزم ذاته لذاته يقتضي قلب حقيقته وكونه غير ذاته ، وإذا لم يبيّن كونها حقيقة العشرة (٢) ، فلا يمكن أن تكون مجازا في السبعة ؛ لأنّ تحقّق المعنى الحقيقي وتصوّره لازم في تحقّق التجوّز وإن لم يلزم استعمال اللفظ فيه.
ولو جعل العشرة مع القيد دالّة على السبعة ، لرجع إلى المذهب المختار ، ولا معنى حينئذ لكونها مجازا في السبعة ، بل تكون حقيقة فيها.
ومنها : أنّه لو اريد من الجارية في قولنا : « اشتريت الجارية إلاّ نصفها » نصفها ، لزم الاستغراق إن كان ضمير « إلاّ نصفها » للجارية بكمالها ، وهو ظاهر. والتسلسل (٣) إن كان للجارية المراد بها النصف ؛ لأنّ المراد بالنصف المستثنى منه هو الربع ؛ لأنّه الباقي من الباقي من النصف بعد إخراج نصفه عنه ، ثمّ يلزم أن يكون المراد به الثمن ؛ لأنّه الباقي
__________________
(١) أي على المختار.
(٢) أي في العشرة. والمراد أنّ كلمة العشرة إذا لم تستعمل في هذه المرتبة حقيقة.
(٣) عطف على الاستغراق.