وجد به عيبا فردّه هل يعزم اجرته؟ وجوابه بأنّ الخراج بالضمان (١) ـ أو لا ، كما روي أنّه مرّ بشاة ميمونة فقال : « أيّما إهاب دبغ فقد طهر » (٢) فيحكم بطهارة كلّ ما لم يتغيّر أحد أوصافه ، وكلّ إهاب مدبوغ.
لنا : أنّ المقتضي ـ وهو عموم اللفظ ـ موجود ، والمانع مفقود ؛ لأنّه ليس ثمّة غير خصوص السبب وهو لا يعارضه ؛ لعدم المنافاة ، وأنّ الصحابة عمّمت العمومات المبيّنة على أسباب خاصّة كآية السرقة (٣) ، وآية الظهار (٤) ، وآية اللعان (٥).
ويؤيّده ما روى عمر بن يزيد عن الصادق عليهالسلام قال : قلت له : ( وَالَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ )(٦)؟ قال : « نزلت في رحم آل محمّد [ صلىاللهعليهوآله ] ، وقد تكون في قرابتك » ، ثمّ قال : « فلا تكوننّ ممّن يقول للشيء : إنّه في شيء واحد » (٧).
احتجّ الخصم بأنّ الجواب لو عمّ لم يكن مطابقا للسؤال ، ولم يكن لذكر السبب فائدة ، وما كان ينبغي أن يبالغوا في بيانه وضبطه وتدوينه ، وجاز تخصّص السبب عنه بالاجتهاد وبطلانه قطعي ، وكان حكما بأحد المجازات من غير مرجّح ؛ لفوات الظهور بالنصوصيّة في صورة السبب حيث تناولها بخصوصها بعد أن لم يكن ، فصار مصروفا عمّا وضع له إلى غيره ، فالسبب خاصّة مع سائر الخصوصيّات ، ومع بعضها ودونها مجازات له ، فالحمل على السبب خاصّة مع سائر الخصوصيّات على التعيين تحكّم.
وبأنّه لو قال : « تغدّ عندي » فقال : « والله لا تغدّيت » ، لم يعمّ قوله هذا كلّ تغدّ بل حمل على التغدّي عنده حتّى لو تغدّى عند غيره لم يحنث (٨).
__________________
(١) سنن ابن ماجة ٢ : ٧٥٤ ، ح ٢٢٤٣ ، وسنن الترمذي ٣ : ٥٨٢ ، ح ١٢٨٥ ، وسنن أبي داود ٣ : ٢٨٤ ، ح ٣٥٠٨.
(٢) سنن النسائي ٧ : ١٨٢ ـ ١٨٣ ، ح ٤٢٤٧.
(٣) المائدة (٥) : ٣٨ : ( وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا ... ).
(٤) المجادلة (٥٨) : ٣ : ( وَالَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ ... ).
(٥) النور (٢٤) : ٦ ـ ٩ : ( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ ... ).
(٦) الرعد (١٣) : ٢١.
(٧) الكافي ٢ : ١٥٦ ، باب صلة الرحم ، ح ٢٨.
(٨) راجع الإحكام في أصول الأحكام ٢ : ٢٥٧ و ٢٥٨.