احتجّ من أنكر الحجّيّة مطلقا بأنّ حقيقة اللفظ العموم ، وسائر ما تحته من المراتب مجازاته ، والباقي أحدها ، فلمّا لم يرد الحقيقة وتعدّدت المجازات ، يكون اللفظ مجملا فيها ، فلا يحمل على شيء منها فيبقى متردّدا بينها ولا يكون حجّة في شيء منها (١).
والجواب : أنّ ذلك لو كانت المجازات متساوية ولا دلالة على تعيين أحدها ، وأمّا إذا كان بعضها أقرب إلى الحقيقة ، أو وجد الدليل على التعيين ، فلا إجمال ، وفيما نحن فيه وجد الأمران ؛ لأنّ الباقي أقرب إلى العموم ، وما قدّمناه من الأدلّة دلّت على حمله عليه. هذا.
وعلى ما اخترناه ـ من أنّ العامّ حقيقة في الباقي ـ لا يخفى كيفيّة الجواب.
واحتجّ القائل بأنّه حجّة في أقلّ الجمع بأنّه المتحقّق ، والباقي مشكوك فيه ، فلا يصار إليه (٢).
والجواب : منع كونه مشكوكا فيه بعد ثبوت الدلالة على وجوب الحمل عليه. هذا.
واحتجّ كلّ من أصحاب المذاهب الأخر باعتبارات (٣) ضعيفة لا ينبغي ضبطها في المصنّفات ؛ لظهور فسادها ، فلذا أعرضنا عن إيرادها وردّها.
وكيفيّة التفريع ظاهرة.
فصل [٢٧]
الجواب إن لم يكن مستقلاّ ، يتبع السؤال في عمومه وخصوصه وفاقا ، مثل أن يسأل : « هل يتوضّأ بماء البحر؟ » فيقال : « نعم ».
وإن كان مستقلاّ فإن كان مساويا ، فأمره واضح. وإن كان أعمّ ، فالحقّ أنّ العبرة بعموم لفظه لا بخصوصيّة السبب ، فالسبب الخاصّ لا يخصّص العامّ المستقلّ سواء كان السبب سؤالا ـ كسؤالهم عنه عليهالسلام عن بئر بضاعة وجوابه عليهالسلام بقوله : « خلق الله الماء طهورا لا ينجّسه شيء إلاّ ما غيّر طعمه أو لونه أو ريحه » (٤) ، وسؤالهم عنه عليهالسلام عمّن اشترى عبدا فاستعمله ، ثمّ
__________________
(١) نسبه الآمدي إلى عيسى بن أبان وأبي ثور في الإحكام في أصول الأحكام ٢ : ٢٥٢.
(٢) ذكره الآمدي في المصدر : ٢٥٣ ، والفاضل التوني في الوافية : ١١٧.
(٣) راجع الإحكام في أصول الأحكام : ٢٥٢ ـ ٢٥٤.
(٤) وسائل الشيعة ١ : ١٣٥ ، أبواب الماء المطلق ، الباب ١ ، ح ٩.