على نزول بعض الخطابات القرآنيّة فيمن وجد بعد النبيّ (١) ، والدالّة على نداء بعض الأنبياء ، كإبراهيم وموسى من لم يوجد (٢) ، والدالّة على قول « لبّيك » عند قراءة بعض الخطابات (٣) ، وغير ذلك ممّا ورد في مطالب جزئيّة مختلفة ، وانتشر في مصنّفات الأخبار.
ومنها : احتجاج العلماء ـ حتّى الأئمّة عليهمالسلام ـ على أهل الأعصار ممّن بعد الصحابة بتلك الخطابات من غير ذكر إجماع أو نصّ أو قياس (٤).
ولنا على الثاني (٥) : تصريح أرباب اللغة بوضع تلك الخطابات للموجودين الحاضرين. كيف؟ وحقيقة خطاب المشافهة ليست إلاّ توجيه اللفظ إلى الغير للإفهام ، فلا يتوجّه إلى الجماد الموجود فضلا عن المعدوم ، ومجرّد استعمال أهل اللغة أو الشرع لا يثبت الحقيقة اللغويّة أو الشرعيّة ؛ لأنّه أعمّ من الحقيقة.
احتجّ القائل بعدم الجواز مطلقا بأنّه لا يقال للمعدومين : ( يا أَيُّهَا النَّاسُ ) ونحوه ، وإنكاره مكابرة (٦).
والجواب : أنّ السبب في عدم القول إن كان عقليّا ـ وهو عدم صدق العنوان ، كـ : « الناس » و « الإنسان » و « المسلم » وأمثالها على المعدوم ـ فهو ممنوع ، ووجهه ظاهر.
وإن كان لغويّا أو عرفيّا ـ وهو تحاشي أرباب اللغة والعرف عن ذلك ـ فهو مسلّم في الإطلاق الحقيقي دون المجازي ، كما يشهد به محاوراتهم. ثمّ لو سلّم ذلك فهو في الخطاب التخييري (٧) دون التعليقي.
فإن قيل : فإذن يكون الخطاب في الموجود الحاضر منجّزا ، وفي المعدوم معلّقا ، فإذا استعمل فيهما يلزم الجمع بين الحقيقة والمجاز.
__________________
(١) كآية ١١٠ من آل عمران (٣).
(٢) راجع تهذيب الوصول : ١٨٤ و ١٨٥.
(٣) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ١٩٦ ، الباب ٤٤ ، ح ٥.
(٤) قاله ابن الحاجب في منتهى الوصول : ١١٧ و ١١٨ ، والتوني في الوافية : ١٢٠.
(٥) أي كون الاستعمال مجازيّا.
(٦) قاله ابن الحاجب في منتهى الوصول : ١١٧ و ١١٨ ، والشيخ حسن في معالم الدين : ١١٢.
(٧) كذا في النسختين. والظاهر : « التنجيزي » ، بقرينة ما يأتي وهو « فإذن يكون ... منجّزا ».