وقد ظهر ممّا ذكر أنّ عطف الخاصّ على العامّ لا يقتضي تخصيص العامّ أيضا ، وبالعكس لا يقتضي تخصّص العامّ ولا تعميم الخاصّ. وأمثلة الكلّ مع كيفيّة التفريع ظاهرة.
فصل [١١]
الحكم على المعطوف (١) بحكم حكم به على المعطوف عليه العامّ لا يقتضي عدم دخول الأوّل في الثاني وخروجه عن عمومه بالنسبة إليه إذا كان فردا. وهذا مع ظهوره صرّح به أكثر الادباء (٢). مثاله : قوله تعالى : ( حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى )(٣). وهكذا الحال إذا كان المعطوف عليه فردا والمعطوف عامّا ، كأن يوصي لزيد وللفقراء بثلث ماله.
ومنه يظهر كيفيّة التفريع. وفي مقدار استحقاق زيد أقوال (٤) منضبطة في مصنّفات الفقه ، بعضها مبنيّ على القاعدة.
فصل [١٢]
المأمور به (٥) إذا كان اسم جنس مجموعا مجرورا بـ : « من » فإن كان ممّا يفيد العموم بصيغته ، كالمعرّف باللام أو الإضافة ، كقوله تعالى : ( خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً )(٦) فمقتضاه الإيجاب من كلّ فرد إلاّ أن يثبت دلالته على أنّ الأفراد ليست مرادة ، وحينئذ فمقتضاه الإيجاب من كلّ نوع ، وهكذا.
وتنقيح ذلك أنّ الجمع لتضعيف المفرد ، والمفرد قد يراد به الفرد فيراد بالجمع حينئذ جميع الأفراد. وقد يراد به الجنس فيراد بالجمع حينئذ جميع الأنواع ، والتعويل في استنباط المراد على القرائن والأمارات.
__________________
(١) أي المعطوف الخاصّ.
(٢) لاحظ العدّة في أصول الفقه ١ : ٢١٧ ، والإحكام في أصول الأحكام ٢ : ٢٧٧.
(٣) البقرة (٢) : ٢٣٨.
(٤) راجع تمهيد القواعد : ٢١٠ ، القاعدة ٧٥.
(٥) والمراد به هو الموضوع ومتعلّق المأمور به لا نفس المأمور به.
(٦) التوبة (٩) : ١٠٣.