ثمّ لا كلام في أنّه إذا لم يوجد قرينة العهد وجب حمله على الاستغراق.
ويتفرّع عليه عدم وقوع الظهار ، لو قال : « إن كان الله يعذّب الموحّدين فأنت عليّ كظهر امّي » إلاّ أن يقصد تعذيب بعضهم ؛ لأنّ التعذيب يختصّ بالبعض.
ولو وجدت قرينة العهد ، قيل : يلزم حمله على العهد (١) ، وإن احتمل العموم أو الجنس ؛ لأصالة البراءة من الزائد ، فلو حلف أن لا يشرب المياه ، وجب حمله على المعهود حتّى يحنث بالبعض. ولو حمل على العموم ، لم يحنث.
ولو حلف أن لا يأكل الجوزات ، لحمل على غير الهندي ؛ لأنّه المتعارف ، إلاّ في بلد يكون متعارفا فيه بحيث يطلق عليه اللفظ من غير تقييد.
ولو أوصى للفقراء أو نحوهم ، صرف إلى فقراء البلد ، أو (٢) أقلّ الجمع فصاعدا ؛ لقيام القرينة الحاليّة على أنّ العموم غير مراد.
ثمّ في هذا المقام تفصيل وتحقيق يأتي في المفرد المعرّف (٣).
هذا بيان أقسام النوع الأوّل. ولبيان تحقيق الحال في أقسام النوع الثاني نقول :
الحقّ أنّ « كم » الاستفهاميّة تفيد العموم كسائر أسماء الاستفهام. والحجّة عليه ما تقدّم فيها (٤).
وأمّا « من » و « ما » الموصولة (٥) ، نحو : « مررت بمن قام » أو « ما قام » ، أي بالذي قام ، فالحقّ أنّهما كسائر الأسماء الموصولة في إفادة العموم. والدليل الدليل.
وممّا يدلّ على إفادة خصوص « ما » للعموم قصّة ابن الزبعرى وهي مشهورة (٦).
وقد يكون كلّ من « من » و « ما » نكرة موصوفة ، نحو : « مررت بمن » أو « بما معجب لك » أي شخص معجب لك. وقد تكون « ما » نكرة غير موصوفة وهي « ما » التعجّبية ، وحينئذ لا تفيدان العموم وفاقا.
__________________
(١) انظر تمهيد القواعد : ١٥٦ ، القاعدة ٥١.
(٢) في « ب » : « و ».
(٣) سيأتي في ص ٧١٦.
(٤) تقدّم في ص ٧٠٩.
(٥) كذا في النسختين. والأولى : « الموصولتان ».
(٦) حكاها الآمدي في الإحكام في أصول الأحكام ٢ : ٢٢٣ ، وابن الحاجب في منتهى الوصول : ١٠٤.