قال : « كلّ عدد زوج » فإنّه ليس من باب عموم السلب ، أي ليس حكما بالسلب على كلّ فرد.
وإذا عرفت ذلك ، فكيفيّة التفريع أنّه لو قال المدّعي : « لا بيّنة لي » ، فحلف المدّعى عليه ثمّ جاء ببيّنة ، فإنّها لا تسمع. وقيل : تسمع (١) ؛ لأنّه قد لا يعرفها أو ساهاها.
ولو حلف أن « لا أتكلّم أحدهما أو أحدهم » ولم يقصد واحدا بعينه ، فإذا كلّم واحدا ، حنث وانحلّت اليمين ، فلا يحنث إذا كلّم الآخر. ولو كان له زوجات ، فقال : « والله لا أطأ واحدة منكنّ » فإن أراد الامتناع عن كلّ واحدة منهنّ ، أو واحدة معيّنة أو مبهمة ، تعيّنت ، ويقبل قوله في ذلك ، وإن أطلق يحمل على التعميم عملا بظاهر الصيغة.
وحجّة العموم في مثل : « الذي » و « التي » وأسماء الإشارة المجموعة هي الحجج المشتركة ، ولم نعثر على ما يختصّ به.
والحجّة على أنّ « الأبد » ومرادفاته يدلّ على العموم الزماني أنّ العموم مدلولها الوضعي ، كما يظهر من اللغة (٢).
وممّا يدلّ على أنّ الجمع بصيغة الأمر يدلّ على العموم أنّه لو قال السيّد لعبيده : « قوموا » فتخلّف واحد ، استحقّ الذمّ.
وممّا يدلّ على أنّ الجمع المعرّف باللام ـ مشتقّا كان أو غيره ـ للعموم أنّه يؤكّد بما يقتضي العموم ، كقولهم : « قام القوم كلّهم » و « رأيت المشركين كلّهم » ، وهو دليل العموم.
وأيضا الجمع المنكّر يفيد معنى الجمعيّة ، فلو أفاد المعرّف أيضا مجرّد الجمعيّة من دون استغراق ، لعرت اللام عن الفائدة.
وأيضا احتجّ أبو بكر على الأنصار بعد ادّعائهم الإمامة لأنفسهم بقوله عليهالسلام : « الأئمّة من قريش » (٣).
واعلم أنّه وإن ذهب أبو هاشم إلى أنّ الجمع المعرّف باللام لا يفيد العموم (٤) ، وعلى هذا
__________________
(١) قاله الأسنوي في التمهيد : ٣٢٠.
(٢) راجع لسان العرب ١ : ٤٠ « أ ب د ».
(٣) لاحظ المحصول ٢ : ٣٥٧ ، وكنز العمّال ١٢ : ٣٠ ، ح ٣٣٨٣١.
(٤) حكاه الشيخ في العدّة في أصول الفقه ١ : ٢٩٢ ، والفخر الرازي في المحصول ٢ : ٣٥٧ ، والمحقّق الحلّي في معارج الاصول : ٨٤.